تتمثل المهمة الدائمة للجيش الوطني الشعبي في المحافظة على الاستقلال الوطني والدفاع عن السيادة الوطنية و مرافقة استقرار البلاد . كما تشير المواد القانونية صراحة ، وانطلاقا من العديد من النصوص التشريعية : يتجلى تصور الدفاع الوطني ، حيث أنّ الجيش الوطني الشعبي هو الجهاز الدائم للدفاع عن الدولة و الشعب ، ويتمحور دوره في تنظيم وتعزيز ذات الدفاع. يبقى المنطق الأمني هو المحرّك الأساسي لخطاب المؤسسة العسكرية وذلك لتنامي ظواهر كانت قد فرضت نفسها على البلاد و تمثلت في الإرهاب في فترة ماضية وتهديد الجماعات المسلحة المتعاونة مع الجريمة المنظمة في دول الساحل و هو الموضوع بل التحدي الذي يوليه الجيش اهتماما خاصا من خلال ما تفرده الدولة من ميزانية و تكوين على مختلف الأسلحة . وتتحكم في عمل المؤسسة العسكرية عقيدة دفاعية مستميتة، كما أنّ مؤسسي دولة ما بعد الاستقلال عسكريون لا غبار على عقيدتهم الثورية التي شعرت دوما أنّ المرجعية الثورية في البناء واستمرار الدولة لا حياد عنها ولا بديل لها، من بومدين إلى زروال، مرورا بالدور «الرائد» للمؤسسة العسكرية في ازاحة أول رئيس للجزائر المستقلة ممثلا في انقلاب 1965 الذي أطاح بحكم أحمد بن بلة وجاء بوجه عسكري تمثل في العقيد هواري بومدين، وفي فترة هذا الأخير بان جليا الدور الذي صارت تلعبه المؤسسة العسكرية في البلاد ومشاركتها في كل مناحي الحياة، وخلال الأحادية السياسية كان المرشّح لرئاسة البلاد والفائز بها دوما يخرج من صلب المؤسسة العسكرية ، و مع التعدّدية والانفتاح على الديمقراطية رويدا تطوّرت المؤسسة العسكرية في شكلها ومضمونها وسايرت التطور على جميع الأصعدة وغذّتها الاصلاحات بعديد القناعات وحدّدت صلاحياتها وتدخلاتها وفق ما ينص عليه الدستور وتقتضيه المستجدات الداخلية والدولية ، وأكدت المؤسسة العسكرية الجزائرية التي تطوّر خطابها وانفتاحها بأنّها لا تخوض مهمّات في الخارج مهما كانت الذرائع ومهامها الأولى داخلية وصائنة لحدود البلاد من أيّ خطر. ووصلت الاصلاحات التي قادتها الجزائر إلى ترسيخ رغبة في مؤسسة عسكرية تساهم في توطين الديمقراطية دون أن تخرج عن حيّز دورها الأساسي المتعلق بحفظ الأمن، وذلك من خلال بروز هياكل وآليات جديدة تسيّر عمل المؤسسة العسكرية ، بشكل يعزز المفهوم القانوني لمؤسسة الجيش كمرفق عمومي يحصّن الدولة ويرتبط بالمواطن والتنمية. وبتطوّر مهام وأداء المؤسسة العسكرية في البلاد تطوّر خطابها و نظرتها للمستجدات و أكدت قيادة المؤسسة في كل مناسبة على الإبقاء على المؤسسة في منأى عن المزايدات والطموحات السياسوية. هذا الجيش الميداني والأصيل الذي ما كان له أن يصل إلى ما وصل إليه ، سواء في الجانب التطويري والتحديثي المتعدد الأوجه أو من ناحية النتائج الميدانية المحققة في مجال مكافحة الإرهاب لولا تمسكه الشديد بإتباع نهج وخطى أسلافه من صانعي الثورة وقبلها المقاومة، وتمسكه بقيمهم ومبادئهم، ولولا حسن استقرائه العقلاني والرصين لخلفيات التحديات الكثيرة الراهنة ولولا استشعاره الصائب والسليم لأبعاد وأهداف الرهانات المستقبلية. واليوم في خضم الحراك الشعبي يتميّز أداء المؤسسة العسكرية في البلاد برصانة تعمل على حماية مطالب الشعب بالحضور الدائم.
