المرحلة الانتقالية تختلف من دولة لأخرى حسب الأنظمة الاجتماعية والسياسية والعوامل الداخلية والخارجية التي تلقي بثقلها وتأثيرها على الدول التي تتعرض لأزمات أو ثورات شعبية تؤدي إلى تغيير نظام الحكم فيها لإفساح المجال أمام قوى أخرى تتولى السلطة وحكم البلاد وقد تم في بعض البلدان الانتقال المباشر من الديكتاتورية إلى الديمقراطية مثل اسبانيا والبرتغال ودول أمريكا الجنوبية بانسحاب العسكر إلى ثكناتهم وترك السياسة للمدنيين وفي دول أوربا الشرقية التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفيتي سابقا أطاحت الشعوب المنتفضة بالأنظمة الديكتاتورية بقيادة الأحزاب الشيوعية ورمت بالجميع في مزبلة التاريخ واستطاعت تلك الدول أن تتغلب على المشاكل الموروثة عن الأنظمة البائدة ومشاكل الحدود والأقليات وأصبحت شعوبها تنعم بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والنهوض وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتفككه استطاعت روسيا التي كانت تقوده أن تحتل مكانته في العالم كقوة عظمى وهناك تجارب لدول أفريقية مرت بأزمات وحروب أهلية مدمرة ومرت إلى السلام والديمقراطية بشكل مباشر محققة قفزة نوعية في التنمية ومنها رواندا وأثيوبيا وليبيريا بينما فشلت دول ثورات الربيع العربي في الانتقال الديمقراطي وتحقيق الأمن والاستقرار بسبب الانتظار والدخول في المراحل الانتقالية بتعيين هيئات توافقية مؤقتة في ظروف صعبة وأوضاع مضطربة وتدخلات أجنبية أدت إلى إجهاض تلك الثورات بثورات مضادة كما حدث في ليبيا بعد إسقاط نظام القذافي وتأسيس حكومة الوفاق الوطني وقيام الجنرال المتقاعد خليفة حفتر بإنشاء قوة الكرامة فرقى نفسه إلى ماريشال وأشعل حربا أهلية بدعم من أطراف عربية كالسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر واستولى على أجزاء كبيرة من ليبيا ويهدد حاليا العاصمة طرابلس ويقوم باستفزاز الجزائر والتطاول عليها مستغلا الحراك الشعبي السلمي فيها وفي مصر أسقطت الثورة نظام المخلوع حسني مبارك وحكمها مجلس عسكري لمدة سنة ونظمت انتخابات برلمانية ورئاسية فاز بها تنظيم الإخوان المسلمين لكن سرعان ما أطاح العسكر بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بالرئيس المنتخب د محمد مرسي ثم تربع على كرسي الرئاسة ويقوم بتعديل الدستور ليبقى فيه إلى سنة 2034 وفي تونس التي انطلقت منها ثورات الربيع العربي مازالت الأوضاع مضطربة والصعوبات المالية والاقتصادية وعودة بعض رموز نظام المخلوع زين العابدين بن علي 2034 أما اليمن السعيد فالأزمة أكبر والوضع أخطر فهو يعاني من الحرب الأهلية الخارجية ومن الإمراض القاتلة والمجاعة والتدخلات العسكرية الخارجية فقد ثار شعبه على الطاغية علي عبد الله صالح وخلعوه من الحكم وكونوا حكومة مؤقتة لكن الحوثيين (شيعة) نزلوا من صعدة واحتلوا العاصمة صنعاء واستولوا على الحكم فتحركت المملكة العربية السعودية وأعلنت الحرب على الحوثيين تحت اسم ( عاصفة الحزم) وكونت قوات التحالف العربي بإشراك دول عربية فيها مثل الإمارات ومصر والبحرين والسودان والغرب الذي انسحب ومرت أربع سنوات دون غالب أو مغلوب والشعب اليمني هو الضحية فيها وهذا كله نتيجة الحلول المؤقتة و الانتظار الطويل الذي يسمع للقوى المضادة للثورة بتنظيم صفوفها والتحرك ضد الثورة ولهذا علينا أن نتحرك بسرعة للتخلص من النظام الفاسد والعصابة الحاكمة لقد أضعنا الفرصة عقب انتفاضة الخامس أكتوبر 1988وتركنا النظام يعيد نفسه سنة 1992وأضعنا الفرصة الثانية للتغيير السلمي الهادئ والديمقراطي بعد إقرار المصالحة فعلينا أن نحول الحراك إلى ثورة سلمية شاملة وإحداث القطيعة مع النظام الآيل إلى الزوال وعدم السماح لرموزه بالظهور من جديد