تشهد الجزائر في الأسابيع الأخيرة المثقلة بالفرح للوطن و الخوف عليه حربا ضروسا لا هوادة فيها بين تكتلات ومجموعات و عصابات يقودها أصحاب مال ونفوذ، ساحات معاركها الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي وبالخصوص الفايسبوك وعلى رأس ترسانة أسلحتها الإشاعة و المعلومات الكاذبة، أما أهدافها فالقتل المعنوي للطرف المعادي من خلال القذف و التشهير و دفع رأي عام ليصدر في حقه أحكاما نهائية غير قابلة للطعن بالإضافة إلى خلق جو من الاضطراب و الفوضى وانعدام الثقة و محاولة الطعن في مصداقية الحراك الشعبي و شرعية مطالبه. هذه الحرب بلا وجوه ولا حدود كان متوقعا اندلاعها في أوساط من ولدوا برتبة كذابين وسراقين و»بلاعطية» وما زاد من سعار احتقانهم و استقطابهم أن المسألة وصلت إلى مرحلة نكون أو لا نكون وبالتالي فكل وسائل الاحتراب بالنسبة لهم مشروعة خاصة وأنهم الأبناء الشرعيين للنهب والسلب وابتلاع الممتلكات العامة . لكن ماذا يمكن فعله لمجابهة هذه الحرب الإلكترونية المتغذية من الإشاعة و هي تضرب حاليا أحد ركائز و مقومات الأمن الوطني ألا و هو الاعلام ، هل نقتدي ببعض الأنظمة الشمولية المستبدة الخارجة عن مجال المنطق و التاريخ و نقوم بحجب مواقع التواصل الاجتماعي وتشديد الرقابة على كل وسائل الاعلام وتشجيع الخطاب التعبوي التجنيدي المرتكز على الشرعية الوطنية أو الدينية أو الثورية أم نتبنى منظومة إعلامية تتماشى وتطلعات شباب الحراك وترتكز على ذات الوسائل والأدوات الحديثة لنشر الحقيقة بموضوعية ومحاربة الكذب والإشاعة بمعلومات صادقة تحترم عقل المواطن ولا تستخف بملكاته الإدراكية وتتسم بالسرعة والآنية، إن تبني أحد المنهجين في التعاطي الإعلامي هو بمثابة دليل كاشف لسمات المرحلة المقبلة.