هل نهب الملايير يبرر سرقة بضعة دنانير ؟ ، هل الاستيلاء على عقارات بمساحات شاسعة يحلل الاستفادة من شقة بصيغة اجتماعية بطرق احتيالية ؟ ، هل تأسيس شركات وهمية للاستفادة من مزايدات و مناقصات و صفقات و نسبة من الريع المتدفق يجيز ركوب " الترام " أو الحافلة دون اقتطاع التذكرة ؟ ....هذه الأسئلة و صويحباتها كثيرة و هي غير موجهة لفضيلة المفتي فبداخل كل واحد منا فطرة سليمة تشير له بطريقي الحق و الباطل و عليه الاختيار و تحمل التبعات ، و إنما هي أدلة إثبات على أن الفساد و لفرط تكرره و تكراره على مدى عقود دون حسيب و لا رقيب حقيقيين و فعالين أضحى ثقافة و سلوكا في الوعي الجمعي لدى الكثير من فئات المجتمع بل ارتقى إلى مستوى المنظومة المتضمنة قيما و مفاهيم و منطق يستدل به من اقتنعوا بها لتبرير دفع الرشاوى لاستخراج أبسط وثيقة من مصلحة الحالة المدنية و الحديث قياس ، أو لسرقة الكهرباء و الماء و تذكرة حافلة ب 20 دينار ما دام الذي نهب 20 مليار فوق المحاسبة و العدالة . هذا المنطق الهدام جعل من الوطن ضحية بلا طرف مدني يدافع عنه أو عن حقوقه المستلبة رغم أن الجميع يتسابقون على تقديم الولاء له بحسن أو بسوء نية ، ما دامت المرجعية المادية المسيطرة ترى فيه غنيمة كل يأخذ ما شاء حسب متانة و قوة الكرسي الجالس عليه أو درجة مسؤوليته أو الجهة المتكئ عليها . و بطبيعة الحال فإن تغيير هذه المفاهيم لن يتحقق بمرسوم رئاسي لمكافحة الفساد أو بفتوى من أعلى هيئة دينية تحرمه فهذا لا يكفي ما دام قد تعشعش في العقول و إنما لا بد من عمل تربوي و تثقيفي و ديني على المدى البعيد و في نفس الوقت إعادة هيبة العدالة و استقلاليتها لمحاكمة الفاسدين و توقيع عقوبات رادعة في حقهم حتى يعرف الجميع أن ممتلكات الجزائر و الشعب خط أحمر سواء قدرت بالملايير أو حتى بالدنانير فالتوصيف واحد .