شارك العديد من المواطنين والعمال في مسيرات كل جمعة منذ ال 22 فيفري الماضي، ولكن من لم يكتفوا بمسيرات الجمعة، هو النخب، وفي النظريات السياسية والاجتماعية، النخبة هي مجموعة صغيرة من الأشخاص لديهم قوة سياسية تأثيرية كبيرة، يؤثرون أكثر مما يتأثرون، استطاعت النخبة في الجزائر قلب موازين القوى وفرض منطقها ومنطق الشارع الذي كسب عديد من المعارك إلى غاية اليوم بدايتها باستقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لتليها استقالة رئيس المجلس الدستوري في انتظار ما ستسفر عليه الأيام المقبلة، النخبة في الجزائر تمثل، المحامون، القضاة، الطلبة، الصحفيين، الأساتذة الجامعيين الذين ساروا جنبا إلى جنب مع طلبتهم واستطاعوا الضرب بيد من حديد وافتكّوا إلى غاية اليوم العديد من الانتصارات. بعد تسعة جمعات متتالية من الحراك الشعبي السلمي، تزداد عزيمة المتظاهرين في كل جمعة أكثر فأكثر، وتزداد قناعتهم بأن الحل يكمن في الضغط أكثر على السلطة، باعتبار، أن الحراك إلى غاية اليوم حقّق العديد من الانتصارات علّ أكبرها، استقالة الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة من منصبه كرئيس للجمهورية، لتأتي بعدها استقالة رئيس المجلس الدستوري، الطيب بلعيز بحر الأسبوع الفارط، ليواصل الحراك مسيرته لتحقيق المطالب المتبقية، والمتمثلة في رحيل الباءات الثلاث المتبقية، رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، الوزير الأول، نور الدين بدوي، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، معاذ بوشارب. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السجال هو لماذا نجحت مسيرات الجمعة التي أقلبت موازين القوى في الجزائر ولم تنجح غيرها من المسيرات منذ الاستقلال؟. هناك من يعتبر أن العدد الهائل من المشاركين في مسيرات الجمعة وغيرها من المسيرات التي نظمت في سائر أيام الجمعة، هو من أقلب الموازين ولكن نعتبر أن مشاركة النخبة في مسيرات الرفض منذ 22 فيفري الماضي هي من استطاعت أن تضرب بيد من حديد على طاولة الشارع، محامون، قضاة، عمال بمختلف الوزارات والمديريات، أطباء، طلبة جامعيون، وكذا فئة الأساتذة والدكاترة الجامعيين. في البداية اقتصرت المسيرات على الطلبة الذين تمّ منعهم من الخروج إلى شوارع العاصمة وحتى عبر الولايات، ونظموا حركاتهم الاحتجاجية داخل الحرم الجامعي، ليخرجوا مع مرور الأسابيع ويحتلوا الشارع رفقة أساتذتهم، أساتذة ودكاترة جامعيين من زبدة «الأنتليجانسيا» في الجزائر مشوا جنبا إلى جنب مع طلبتهم، من أجل التغيير، اقتنعوا أن الحل لبناء جزائر المستقبل يكمن في التغيير الجذري للنظام. حتى سلمية المسيرات وبعدها عن الشغب وقيم التحضّر التي وصفت بها من طرف العواصم الخارجيّة، لم تأت من العدم وإنما كانت لصيقة بمن ساروا ومن نظّموا ومن وقفوا وملئت بهم الشوارع في الجزائر، هؤلاء هم النخبة " الأساتذة والدكاترة والمحامون والقضاة والصحفيين و...." نخبة كانت واقفة إلى جانب الشباب الذي يبحث عن مستقبل أحسن في بلاده رفض " الحرقة" وفضّل المشاركة في مسيرات التغيير.