كم كره الشعب الجزائري "الكادر" بكل أنواعه و أحجامه و ألوانه لما يرمز له من الذل و الهوان و الامتهان المسلط على عقول و قلوب المواطنين لسنوات عجاف من قبل عصبة من الفاسدين و المتملقين و المنافقين ممن تقوست ظهورهم من شدة الخضوع و الانحناء لأصحاب السلطة و القرار. بالتأكيد تكريم و عبادة " الكادر" و تقبيله و لحسه و لعقه من قبل عديمي الشرف والكرامة لم تكن حبا و عشقا لصاحبه و إنما ليقربهم إلى المال العام زلفى، كان الكادر دائما مجلوبا في المناسبات الوطنية و الدينية و في عيد الشجرة والملتقيات الحزبية للمولاة و المعارضة وله مكانة مسمرة داخل مقرات الولايات و البلديات والبرلمان بغرفتيه و المؤسسات العمومية والخاصة و في نشرات التلفزة الوطنية وشقيقاتها غير الشرعية مما يسمى بهتانا بالفضائيات المستقلة، ويقدم كوسام استحقاق جمهوري وكأجمل هدية فهو الوحيد الذي يُكرِّم و يُكرَّم و يُكرَّم به . و بعدما سقط " الكادر " من قلوب الجزائريين في هوة سحيقة اعتلى كرسي عرشه " السالفي " الذي حولته مكونات الحراك الشعبي إلى أحد أهم الأساليب لكسر خوفها و إعدام ترددها وتحدي الطغمة الفاسدة ، فنضالها اليوم ليس تحت الأرض، كفاحها غير قابع في الدهاليز المغلقة و المظلمة ، ليس في عتمة الأصوات الهامسة، بل هو شفاف و واضح وضوح الرفض الساطع لبقاء عبدة و كهنة " الكادر" في الحكم و لو لدقيقة واحدة . الكل يصور الكل ، عائلات بكل أفرادها من الجد إلى أصغر حفيد يلتحفون الألوان الوطنية و يلتقطون صور "السالفي" التذكارية في قلب المسيرات و ينشرونها عبر مختلف الوسائط الاجتماعية بإباء عال يصرخ بضرورة إسقاط " الكادر" ليس من الجدران المزينة بالنفاق فقط بل من فلسفة الحكم و سياسة البلاد، شباب و شابات زمرا و أفرادا مسلحة أياديهم بهواتف ذكية تصطاد مشاهد التحضر والوعي وتؤرخ و توثق لعهد جديد خال من الهيبة المزيفة ل "الكادر" السابق وأي " كادر " لاحق لأن الهيبة الحقيقية هي للشعب و لدولة العدل و لمقدرات الوطن .