لقد اعتقد أقطاب النظام أن الشعب قد استسلم لهم نهائيا ولن يستطيع النهوض أو المقاومة فراحوا يتصرفون حسب أهوائهم وشهواتهم المنفلتة دون رقيب أو حسيب وكأن الدولة الجزائرية ملكية خاصة أموالها خالصة لهم ولعائلاتهم وأقاربهم فتصرفوا في المال العام تصرف السفهاء وراحوا يرتبون الأمور لعهدة خامسة لمواصلة التسلط والسلب والنهب وأعماهم الجشع ونسوا أن الأيام دول وأن الحق ينتصر وفي التاريخ عبر وأن الشعوب تضعف ولا تموت وعندما تثور تطيح بالمستبدين والطغاة. وها قد نهض الشعب الجزائري لاسترداد سيادته وكرامته وحقوقه المهضومة وقد بدأت رموز النظام تتهاوى تحت وقع الحراك الشعبي السلمي وبدأ الحساب بميزان العدالة التي تحررت لتقوم بدورها. لم يكن أحد منا أن يرى الوزير الأول أحمد أويحيى داخلا إلى محكمة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة وسط الجماهير التي حيته بعلب الياغورت ردا على تهكمه وسخريته من المواطنين البسطاء الذين قال عنهم (مالزمش كل الجزائريين ياكلوا الياغورت). إنه سي أحمد الملقب برجل «المهمات القذرة» وجلاد الإطارات وصاحب حملة «الأيدي النظيفة» الذي أدخل مئات المسؤولين في المؤسسات العمومية السجن في التسعينات من القرن الماضي أغلبهم كانوا أبرياء ولم يتوقف عن سجن الإطارات دون إثبات أو دليل بشهادة وزير العدل السابق الطيب لوح الذي قال أن هذه القضية «ستظل تلاحقه في مساره السياسي» فقد قام أويحيى بإغلاق معظم المؤسسات العمومية وإحالة نصف مليون عامل على البطالة أو التقاعد المسبق ووضع الجزائر في قبضة صندوق النقد الدولي الذي نفى اشتراط تسريح العمال بعدما وقع الفأس في الرأس. لقد كان أويحيى قاسيا على الشعب الجزائري وعلى إطارات القطاع العمومي ومحبا ومفضلا لأرباب المال والنفوذ فلا يطمع في حب الشعب له والتعاطف معه إن وجد نفسه في الورطة الذي سبق أن ملأها بالأبرياء وتلك العاقبة(...).