تعتبر فئة الطلبة الجامعين من أهم عناصر الحراك الشعبي بمشاركتهم الفعالة و حماسهم المتجدد إلى درجة أنهم قاطعوا مقاعد الدراسة خلال الأسابيع الأخيرة ليظل شبح السنة البيضاء يحدق بمستقبلهم . و قد أصدر وزير التعليم العالي و البحث العلمي بوزيد الطيب تعليمة حددت تاريخ 27 أفريل موعدا للعودة إلى مقاعد الدراسة، لكن هذا القرار لم يلق الاستجابة الواسعة في أوساط الطلبة الجامعيين الذي انقسموا بين مؤيد للقرار و رافض له، رغم ما قد ينتج عن السنة البيضاء من تأثيرات سلبية على المسار التعليمي لهؤلاء الطلبة ،الذين فضل بعضهم مواصلة المشاركة في الحراك و رفضوا العودة إلى الدراسة ، فالسنة البيضاء هي إحدى النتائج المباشرة للحراك الشعبي و لا يمكن بسهولة فصل الطلبة عن هذا الحراك. إنه لا يختلف اثنان في أن مشاركة الطلبة الجامعيين في مسيرات الحراك قد أعطت زخما وحماسا و قوة دفع كبيرة لهذه الهبة الشعبية، فهم الذين يتظاهرون سلميا في الشوارع في سائر أيام الأسبوع، وفي مسيرات يوم الجمعة الجماهيرية، وداخل الحرم الجامعي في جامعات الوطن رافعين مطالبهم بكل سلمية، مؤكدين على انصهارهم و اندماجهم مع مختلف فئات الشعب الجزائري مادامت المعاناة واحدة و ماداموا هم أبناء و بنات هذا الشعب يتقاسمون معه تفاصيل الحياة الصعبة، ويعانون البطالة و الأفق المسدود أمامهم وبهذه المسيرات والتجمعات هنا و هناك يحملون مطالبهم وتطلعاتهم لمستقبل أفضل و حياة كريمة في وطنهم ،و لا أحد يجهل كم تم تهميش الشباب من خريجي الجامعات في العقود الماضية ،بل أصبح التخرج من الجامعة هو بداية لكابوس مخيف و رحلة صعبة بحثا عن منصب عمل و فرصة تشغيل و هو ما لا يتاح لأي كان ،و يتطلب من كل واحد اللجوء إلى المسؤولين النافذين لتوظيفهم، و الاعتماد على دفع الرشاوى لأجل ذلك و هذا ضمن مظهر آخر خطير جدا من مظاهر الفساد والرشوة والمحاباة التي همش بسببها عدد كبير من خريجي الجامعات حاملي شهادات الليسانس والماستر والدكتوراة، مما اضطر عدد كبير منهم إلى القبول بأي منصب عمل و إن كان مؤقتا عبر عقود تجدد دوريا ضمن صيغ التشغيل التي استحدثت من أجل إيجاد حلول لمشكل البطالة ،و من أجل هذا كله و نتيجة لسوء التكفل بفئة الشباب خلال السنوات الماضية ،نرى أن طلبة الجامعات لهم نصيب كبير من المعاناة مادام مسارهم العلمي سينتهي عند التخرج ليبدؤوا رحلة الألف ميل بحثا عن منصب شغل . إن الحديث عن السنة البيضاء لطلبة الجامعات لا يجب أن ينظر إليه بمعزل عن تطورات و إفرازات الحراك الشعبي ككل ،لأن هؤلاء الطلبة و الطالبات هم جزء لا يتجزأ من الحراك الشعبي كما أنهم معنيون بالمطالب التي يحملها هذا الحراك الذي يعني مستقبل الجزائريين جميعا ، و انطلاقا من هذا فإن ما سينجر عن سنة بيضاء لا يعتبر كبيرا و خطيرا مقارنة مع ما ستفرزه تطورات المشهد السياسي و تأثيرها على الحراك الشعبي ،و عليه فانه إن طلب من شباب الجامعات العودة إلى مقاعد الدراسة فإنهم ينتظرون مقابل ذلك رؤية مؤشرات لإزالة حالة الانسداد الراهنة عبر قرارات و ردود فعل تستجيب لمطالبهم التي هي مطالب الحراك الشعبي ، و الطلبة هم طرف فاعل و فعال في هذه الهبة الجماهيرية خرجوا لرفع مطالبهم و المطالبة بمستقبل أحسن لهم في وطنهم ،و حتى في حال عودتهم إلى مقاعد الدراسة فإنهم لا محالة سيحضرون بقوة في مسيرات الجمعة الحاشدة لأهم قبل أن يكونوا طلبة جامعيين فهم مواطنين جزائريين يعنيهم كثيرا ويهمهم ما يحدث في هذا الوطن .