الحراك الشعبي المتواصل منذ فبراير الماضي مازال يرفع شعار ((ترحلوا قاع )) المطالب برحيل كل رموز النظام السياسي الحاكم دون استثناء ويرفض إجراء انتخابات رئاسية تحت سلطة رئيس الدولة وحكومة بدوي لتصريف الأعمال ويطالب برحيل الباءات والذهاب إلى مرحلة انتقالية تشرف عليها هيئات مؤقتة أما عبد القادر بن صالح رئيس الدولة فيقول أنه باق في منصبه حتى يسلم المهام لرئيس جمهورية الجديد كما أن قيادة المؤسسة العسكرية تؤيد الحل الدستوري بواسطة الانتخابات بدل الدخول في مرحلة انتقالية مجهولة النتائج و العواقب ولابد من الحوار وتقديم التنازلات للوصول إلى حل توافقي وهكذا يستمر الجمود في المواقف السياسية بسبب التشدد والخوف وانعدام الثقة غياب الوساطة أو أي مبادرة بإمكانها إحداث التغيير المطلوب الذي يسمح بالجلوس نحو طاولة واحدة للخروج من الأزمة السياسية الراهنة والسماح بإعادة السير الطبيعي لمؤسسات الدولة الذي سيتأثر سلبا إن طال أمد الأزمة لا محالة. ومن معوقات تنظيم حوار وطني فعال وجدي عدم وجود ممثلين حقيقيين للحراك الشعبي حتى الآن في السر أو العلن فلا توجد لدينا أسماء للمنظمين أو المؤطرين ولم تصدر بيانات سياسية توضح المطالب فنحن نتعامل مع شعارات فقط يجهل كاتبها ولا يوجد مبرر لهذه السرية والاختباء لمدة تجاوزت ثلاثة أشهر. فقد أعلنت قيادة الجيش مرافقتها للحوار ومطالبه ولا توجد ملاحقات أمنية للناشطين والمشاركين في المسيرات السلمية ومن الصعب إيجاد ممثلين عن الحراك في ظل هذا الغموض للتحاور معهم أو إشراكهم في تنظيم الانتخابات ومراقبتها وهناك شخصيات تم اقتراحها لإدارة المرحلة الانتقالية يمكن تكليفها بالمشاركة في الحوار الوطني أو ترشيحها للانتخابات الرئاسية بدل التشبث بالمرحلة الانتقالية ورحيل كل رموز النظام الذي يعني إفراغ كل مؤسسات الدولة من الإطارات والكفاءات القادرة على التسيير وقد وجدنا بعض المواطنين يريدون تسريح كل الموظفين والمسيرين وهذا جنون بحد ذاته وللتذكير أن مهمة رئيس الدولة كانت ستنتهي في 9 جويلية القادم لو نظمت الانتخابات في وقتها وتنتهي معها مهمة الحكومة الحالية المكلفة بتصريف الأعمال والذين يطالبون برحيل الباءات (بن صالح وبدوي وبوشارب) قبل كل شيء يريدون تعطيل الرئاسة ورئاسة الحكومة والبرلمان كما حدث سنة 1992 دون التفكير في العواقب السياسية والأمنية والاقتصادية، وقد تشمل المطالبة برحيل الولاة ورؤساء والمديرين الولائيين ومدراء المؤسسات العمومية وحل المجالس البلدية والولائية وهذا ما حاول الكولون إحداثه عند إعلان الاستقلال سنة 1962 للتأثير على الدولة الجزائرية الناشئة يريدون تطبيقه علينا دون شعور أو إدراك أو حتى بخبث ومكر وخداع من بعض المتسللين إلى صفوف الحراك الشعبي مستغلين حماس الشباب وسهولة ترديد الشعارات دون وعي بمحتواها. اعتقد أن الحل المعروض من رئاسة الدولة وبموافقة ومرافقة المؤسسة العسكرية هو الذي بإمكانه أن ينقذنا من هذا المأزق ويجنبنا المصاعب والمصائب والمتمثل في حوار جدي للوصول إلى توافق حول تنظيم الانتخابات الرئاسية في اقرب وقت ممكن وبعدها يأتي الإصلاح والتغيير في كل مؤسسات وهياكل الدولة والتخلص من رموز الفساد من القمة الى القاعدة وكفانا من الانتظار الطويل والممل الذي قد لا يكون في صالحنا فالسياسة صعبة ولا تؤمن بالمبادئ والأخلاق في الظروف الاستثنائية وأوقات الشدة والحرب خدعة وأخطاء الماضي تكفي.