استلم عبد العزيز بوتفليقة رئاسة الجمهورية سنة 1999على طبق من ذهب بعد أن وضع الشعب الجزائري فيه ثقته باعتباره أحد رموز مرحلة الرئيس هواري بومدين ونال الدعم المطلق من مؤسسات الدولة وتمتع بصلاحيات مطلقة من أجل أن يفي بوعوده في تحقيق السلم والأمن والاستقرار ومحاربة الفساد وإقامة العدل والقيام بالإصلاحات للنهوض بالبلاد وتحقيق التنمية الشاملة والتقدم والازدهار وقد صادف مجيئه نهاية العشرية السوداء وارتفاع أسعار البترول فكانت كل الآمال معلقة عليه للخروج من التخلف وقد طاف بمختلف بلدان العالم وشارك في المؤتمرات السياسية والاقتصادية واطلع على تجارب الدول المتطورة وألقى الكثير من الخطب والحوارات المطولة التي أعاد التلفزيون العمومي لكنه أساء العمل فطغى وتسلط وافسد البلاد والعباد وتشبث بالكرسي رغم مرضه وعجزه ولم يغادره إلا مكرها بعد ان خرج الشعب بالملايين في مسيرات سلمية وترك وراءه ألغاما كثيرة يجري التعامل معها لتفكيكها كما صرح بذلك الفريق قايد صالح نائب وزير الدفاع. لقد وضع بوتفليقة الدولة في مأزق كبير لم تفلح في الخروج منه والمتعلق بالسلطة السياسية أو النظام الذي يتعرض لهزة قوية بسبب الاحتجاجات الشعبية المتواصلة منذ 22 فبرايرالماضي عبر الحراك السلمي الذي يطالب برحيل كل رموز النظام المتهم بالفساد والاستبداد والدخول في مرحلة انتقالية بإشراف شخصية أو شخصيات وطنية تجري خلالها الانتخابات الرئاسية أما بن صالح رئيس الدولة المؤقت فيريد إجراء حوار وطني وتنظيم الانتخابات دون الذهاب إلى المرحلة الانتقالية و هذا رأي قيادة الجيش أيضا وبعض الأحزاب السياسية وكل طرف يتشبث بموقفه. مما يؤجل حل للازمة السياسية الراهنة ويطيل في عمرها والتي يتحمل وزرها الرئيس السابق الذي قام بتعديل الدستور لإشباع نهمه للحكم فلم يكتف بعهدتين فقام بفتح العهدات الانتخابية فترشح للعهدة الثالثة ثم الرابعة رغم مرضه الخطير وقدم ملف ترشحه للعهدة الخامسة وهو في المستشفى بسويسرا متحديا الشعب والأحزاب السياسية المعارضة فانطلقت المسيرات السلمية في البداية ضد العهدة الخامسة قبل أن يرتفع سقف مطالبها ليشمل رحيل رموز النظام ومحاسبتهم. ومن الألغام التي زرعها بوتفليقة تعيين شقيقه السعيد مستشارا خاصا له وتمكينه من اتخاذ القرارات الصعبة والخطيرة رفقة مجموعة غير دستورية تنعت بالعصابة فكانت تصدر القرارات والأوامر وتعين وتعزل وتكتب الرسائل وبرقيات التهاني باسم الرئيس المريض مدعية انه يقوم بذلك وقد رشحته على تلك الحالة للعهدة الخامسة وكانت عازمة على ترشيحه للخامسة وقد لعبت دورا كبيرا في الإضرار بالمجتمع والدولة والاقتصاد الوطني بالتواطؤ مع المسؤولين في الحكومة والولاة وأحزاب الموالاة واصحاب المال القذر وهذا يحسب على الرئيس السابق الذي افسد الحياة السياسية باعتماده على عناصر مشبوهة فاقدة للكفاءة والجهوية المقيتة وإبعاده لأصحاب الكفاءة والإخلاص والنزاهة وإضعافه للأحزاب السياسية ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني فكل من حاول تنبيهه إلى الأخطاء والمخاطر تعرض للتهميش وتشويه سمعته ونتيجة لذلك ساد الصمت وزاد حجم الفساد وتزوير الانتخابات وشراء الأصوات ومقاعد البرلمان ونال الحصانة والنيابة من لا يستحقهما وحتى قانون محاربة الفساد الصادر سنة 2006. لخدمة الفاسدين المفسدين وقد خيط الدستور على مقاسه لضمان ديمومة حكمه مثل تعيين رئيس البرلمان رئيسا للدولة في حالة شغور منصب رئيس الجمهورية كما حدث واستمرار الحكومة في أداء مهامها وهذه من المآزق والألغام.