تعزيز سيادة القانون المفضي إلى قضاء عادل في صميم مهمة الدولة الجانحة إلى إرساء العدل مهما كانت درجة المتقاضين ، ويعتبر احترام سيادة القانون أمرا أساسيا لتحقيق السلم الاجتماعي و إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح . التي يتم فيها تقييد ممارسة السلطة و الدائرين في فلكها من مؤسسة تشريعية و غيرها حماية للمواطنين و الممتلكات و المال العمومي من الممارسة التعسفية للسلطة. في دولة القانون يتمتع المواطنون بالحريات المدنية قانونيا ويمكنهم استخدامها في المحاكم. و لا يمكن لبلد أن يكون به حرية ولا ديمقراطية بدون أن يكون به أولا دولة قانون ، دولة قانون مرآتها العاكسة قانون القضاء ، قضاء عادل هادى ، زرين ، غير مرتجل ، ممحص ، متأنٍّ ، صداه و رجع صداه احتكام إلى الشرع و الشرعية و إراحة الضمير بعد النطق بالحكم . لقد انطلق الحَراك الشعبي مصمّما على عدم الفتور بل الوصول إلى المبتغى و فعلا حقّق العديد من المطالب التي كانت إلى عهد قريب لا تخطر في مخيّلة انساء بعد أن ابتعدت السلطة كثيرا في ممارساتها غير العادلة و لا القانونية و ظلّ الشعب تحت . و لكن بين حراك سريع و متسارع و عدالة تطمح في أن تكون مستقلة و بنّاءة لمفاهيم دولة بقانون لا يمتطيه أحد فالبون شاسع ، القضاء يجب أن يكون رصينا و مقلّبا في تفاصيل الملفات من أجل إعادة الحقّ لصاحبه ، في حين ظهر الحراك قويا بسرعته إلى افضت أيضا إلى تطليق القضاء لوجس الخوف بعد أن كان متحكما فيه من جهات معروفة ألانته لصالحها و مصالحها . القضاء المستمدّ من القانون الشرعي و الوضعي المكمّل له ، وحده الحَكَم على مدى ثبات الدولة وهو رمز سيادتها . إقامة العدل في الأحكام ليس بالأمر الهيّن ، مادام الأمر يتعلّق برقاب و أرزاق ، فقد يكون هناك ميل للنفس إلى تحصيل المصالح على غير الوجه المشروع ، فإتباع الهوى هاوية إلى النّار و تحري الحقيقة كاملة حول المتقاضين و إن استغرقت سنوات تبني حكما عادلا لا مِراء فيه ، و يؤسس لثقافة عدم الخوف من القضاء بعد أنّ ظلت هذه السلطة مرادفا لمقبرة تموت فيها ملفات المتقاضين و لزاما أنّ تتوسّع الاصلاحات و تتعمّق في إصلاح المنظومة القضائية و صيانة حقوق المتقدمين إليها و هذا في حدّ ذاته حفاظ على استمرارية الدولة . المجتمعات على اختلافها لا يمكن أن تقوم بلا قضاء يحمي الحقوق ويرد المظالم ويؤسس الدولة العدل ، ذلك أن العدل قيمة إنسانية قبل كلّ شيء وغيابه يعني اختلال القيم والموازين وضياع الحقوق وانهيار المجتمع و مهما تتداخل الصلاحيات بين السلطات التي تسيّر شأن الدولة فثمّة خيط يفصل بينها و يحقق الاستقلالية لكل واحدة و بدل التداخل يحدث التكامل و تسير أمور البلاد على النحو الذي يحقق العدالة بين الجميع ،فالفصل بين السلطات : التنفيذية والتشريعية والقضائية يوفر الضوابط والتوازنات بينها.