شهدت ولاية سعيدة كبقية ولايات الجزائر العديد من المعارك والحوادث التي بقيت راسخة في أذهان المجاهدين الذين غرست فيهم حب الوطن و الدفاع عنه إلى آخر رمق من بين هؤلاء المجاهد بوطالب لعرج من مواليد1939 بسعيدة ، من عائلة ثورية معظم أفرادها حملوا السلاح في سن مبكر اسمه الثوري «الصغير « التحق بالثور وعمره لا يتعدى 18 سنة .استقبلنا بقلب منشرح في منزله ببلدية أولاد خالد ليستحضر معنا محطات تاريخية وشرع في سرد مساره النضالي إبان الثورة إلى جانب إخوانه المجاهدين بقلب ينبض بتلك القوة التي كان يتحلى بها في مواجهة العدو، بدأ نضاله الذي استلهمه من أبيه المجاهد و أخيه الشهيد وذلك من خلال مساعدة إخوانه المجاهدين بجمع الملابس ومختلف المستلزمات لهم يقول بعد طلب من ابن عمي الناصر الذي كان يزور منطقتنا العمورات بجمع المساعدات و المعلومات وافقت مباشرة وأصبحت رفقة أصدقائي نقوم بجمع المساعدات من ملابس وغيرها ،وبعدها قررت الالتحاق بإخواني الجنود وحمل السلاح واتصلت بشهر الدين كان مسؤول عرش منطقتنا حيث كلفني بعملية أثبت من خلالها جدارتي وذلك برمي قنبلة بمنطقة يتواجد فيها الجنود العساكر ودربني على استعمالها و أخذتها إلى منزلنا بحي داودي موسى الذي كنا نقطن به رفقة عائلتي وخبأتها ولم اخبر أحدا سوى صديقي المقرب الطاهر الذي طلبت منه مساعدتي وفي يوم 25 ديسمبر 1957 في الصباح الباكر توجهت أنا وصديقي الطاهر إلى حي لامارين بوسط المدينة وبدأنا نبحث عن المكان الذي يكون فيه العساكر حيث لمحنا حانة وبعد إشارة صديقي وضعتها بالمكان وهربنا وعلى بعد أمتار انفجرت ونجحت في الامتحان والتحقت بصفوف جيش التحرير الوطني وتم تجندي وشاركت في عدة معارك وعمليات من بينها تلك التي قمنا بها بمنطقة التاغية حيث كان الجنود الفرنسيين يقومون بقتل الشعب الضعيف ظلما بدون أي سبب وعليه أمرالقائد تكوين مجموعة من 30 جنديا من اجل إنذارهم لتوقيف القتل كان يقود المجموعة بوطالب الشيخ وتركنا رسائل في حالة ما إذا استمروا في قتل الشعب سنقتلهم أمام زوجاتهم وأبنائهم وأطلقنا الرصاص وفررنا ولحق بنا العساكر بالشاحنة وإذا بها نتفجر بسبب القنبلة التي وضعها الجنود وغيرها من العمليات و المعارك الكثيرة التي شارك فيها عمي لعرج وأهمها معركة المرجة سنة 14 أكتوبر 1958 شاركت في معركة المرجة وكنت مقبلا على الموت يقول المجاهد بوطالب لعرج اثر عمليات تمشيط تحت امراة الجنال جيل للقضاء على الثورة قرر سي عبد الرزاق مغادرة الناحية الثالثة بالحساسنة نحو سعيدة ونزلنا بمنطقة الرمل التي يشرف عليها بن عيسى وبعدها تنقلنا إلى مركز الشنن اين قضينا ليلية واحد وتوجهنا بعدها نحو جبل تافرنت بمركز بوشيخ وفي الصبح الباكر أنذرنا الشهيد مقللي الجيلالي عن ذوي كبير للمحرك ووصل خبر من سيدي اعمر بوصول العدو الذي لم يكن على علم بوجود الكتيبة بالمنطقة فأعطى القائد الأمر بالمغادرة نحو جبل تالمست الذي سبقنا اليه الجنود الفرنسيين فانسحبنا نحو سيدي مرزوق وبعدها مركز الشنن ثم نحو جبل المرجة بالمنطقة الخامسة ونزلنا قرب العين المائية الموجودة به بعد ارهاق شديد وتزامن وصولنا مع وجود قيادة المنطقة الخامسة التي تمركزت من قبل لتظهر في السماء طائرة استطلاع اكتشفت تصاعد الدخان فوجهت القوات الممشطة لجبل تافرنت نحو المرجة والمدججة بعدد كبير من المذرعات وظهرت أكثر من 17 طائرة و بدأت بقصف كبير تمهيدا للإنزال الجوي ولعصوبة الوضعية وصعوبة خروجنا من التطويق كان الحل الوحيد الاشتباك المباشر مع الجنود العساكر الذين تجاوز عددهم الآلاف وكانت المواجهة عنيفة مع العدو ورغم الأسلحة البسيطة إلا ان الإيمان بالحرية كان أقوى وتواصل القتال لغاية حلول الظلام واستشهد في هذه المعركة الطاحنة 56 شهيد من وفقدان وأكثر من 19 ما مجموعه 75شهيد أتذكر منهم موكيل عامر احمد موطني وغيرهم وتم إلقاء القبض على قائد الكتبية مجروحا اما العساكر الفرنسيين فالعدد لا يصحى. واصل المجاهد سرد الأحداث حيث استمر نضاله ومشاركته في المعارك ودخل السجن لمدة سنتين وأصيب مرتين في رجله، المجاهد بوطالب لعرج، وجه نداء حارا في ختام حديثه إلى الجيل الجديد حتى يحب وطنه بقوة أولا ،ثم الدفاع عنه ، فهو غال جدا ودافع من اجله الشهداء و المجاهدين الثمن باهظا ، مؤكدا أن الجزائر الأمس كانت بحاجة إلينا اما جزائر اليوم فهي بحاجة إليكم انتم يا جيل المستقبل .