تعدّدت المنصات المنعقدة منذ اندلاع الحراك الشعبي في الجزائر نهاية فبراير الماضي، ورغم التجاذب بين الحل السياسي و الدستوري للأزمة التي دخلت فيها الجزائر فالمبادرات من أجل التوصل النهائي إلى المخرج الذي يضع حدا للوضع الروتيني في البلاد موجودة، سواء من جانب السلطة أو الأحزاب التي تصنّف نفسها في خانة المعارضة، مع إعادة وضع السياسة و الاقتصاد على السكّة الصحيحة و تحويل القوّة الشعبية إلى معركة بناء الدولة . الفرضيات المطروحة لإدارة ملف الجزائر كثيرة تلتقي في نقاط و لكن تختلف في كثير من النقاط و نادرا ما نسمع بتنازلات بل برغبة في الاستحواذ على مخرجات الأزمة، سواء من طرف السلطة أو الأحزاب التي قادت العديد من الاجتماعات والمنتديات لكن دون التوصل إلى الحسم النهائي ، ما يعيد العقارب إلى الصفر. أحزاب المعارضة بدأت تقترح خيارات من أجل انتقال سلس لمرحلة تطلّق نهائيا العمل وفق النظام القديم. سيناريوهات المرحلة الانتقالية عاشتها الجزائر بإرادة أو غير إرادة من خلال تسيير فترة التسعين يوما التي رأس فيها رئيس مجلس الأمّة البلاد و التي انتهت الثلاثاء الماضي و يستمر الرئيس في مواصلة مهامه باعتبار التوصل إلى الهدف الأكبر وهو اجراء انتخابات رئاسية لم يتم التوصل إليه ، ما معناه أن الفترة الثانية من المرحلة الانتقالية واجب عليها التوصل سريعا إلى حل سياسي بآلية دستورية ( بما يتوفر عليه الدستور الجديد لأنّه في حالة العكس فالبلاد تصبح مقبلة على فراغات دستورية خطيرة باعتبار ذات الدستور المعدّل في 2016 ترك عديد الفراغات و الهفوات التي لم تجد فيها الأزمة الحالية مخرجا لها ) . وذهب بعض آخر إلى المطالبة بتعليق العمل بالدستور الحالي وحل غرفتي البرلمان وتعيين رئيس مؤقت للبلاد بشكل توافقي. للتذكير كانت عديد المنظمات و الأحزاب في البداية قد قاطعت المشاورات التي دعا إليها الوزير الأول نور الدين بدوي ولم يقع إيّ اجماع على التشكيلة الحكومية و هذا أيضا تعثّر آخر وتقف الجزائر بعد انقضاء حوالي خمسة أشهر من عمر الأزمة عند مفترق طرق لم يسبق له مثيل . فالمعارضة التقليدية لا ترى مصلحة سياسية لها في إجراء حوار بنّاء مع سلطة و تحاول أطراف فيها الانفراد بالمبادرات و اقتراح ، أما الحراك الشعبي فقد ازداد صلابة في وجه نظام يرى أنه أصبح فاقدا للمصداقية، ولم يعد هناك من يثق بوعوده في تبني إصلاحات سياسية شاملة. وأمام تبني هذه المبادرة أو تلك و الاجماع على هذه أو الأخرى و رحلة البحث أصلا عن اجماع سواء من طرف الأحزاب و المبادرات الوطنية أو السلطة ، فانّه غالبا ما تنطلق منصات و تعود لتنطفئ إلى حين الإعلان عن مبادرة أخرى قد لا يحسم أزماتها سوى المرور الضروري إلى انتخابات رئاسية .