أكدت آخر أرقام البنك المركزي الجزائري أنّ احتياطي الصرف بالعملة الصعبة قد تناقص ب 72 مليار دولار في ظرف أربعة أشهر وهو السبب الكافي للقول بأنّ الاقتصاد الوطني لم يعرف بعد طريقه إلى التعافي بل يعيش مرحلة حرجة للغاية عندما تضاف إليه تراكمات كانت موجودة أصلا بسبب عدم وضوح الرؤية الاقتصادية في البلاد. الجزائر التي لحد الآن لا تظهر الملامح الحقيقية التي يريد الاقتصاد الاستناد عليها في سياسة تخليه عن اقتصاد الريع ظهرت ملامح أزمتها بشكل واضح بعد التهاوي الرهيب لسعر البترول في 2014 وعدم ظهور ثمار الاصلاحات التي باشرتها الدولة منذ زمن أضف إلى ذلك الارتفاع المذهل في فاتورات الواردات وهي الواردات التي مسّت حتى الكماليات و السلع غير الضرورية. وتصل قيمة الفاتورة إلى ما بين 25 مليار و35 مليار أورو وهو الرقم الذي لم تستطع قوانين المالية كبحه رغم اقتراحات الخبراء الاقتصاديين في هذا المجال بتحيين قوائم الاستيراد وتفعيل بعض القطاعات ولو كانت صغيرة مثل الخدمات والصناعات الصغيرة والمتوسطة التي توفر مناصب العمل وتسهم في انعاش الخزينة . كما أكد عديد الخبراء في وقت سابق أن السياسات الترقيعية التي انتهجتها الحكومات السابقة والسياسة النقدية غير المفهومة كالاقتراض الاسلامي الذي كان آخر الحلول الذي لجأت إليه الحكومة دون التحمس له وهي كلها ظروف أعادت الاقتصاد إلى مرحلة المقاومة من أجل البقاء و الحفاظ على السقف الذي هو فيه. ولأنّ الرؤية الاقتصادية كانت في حاجة إلى جرأة حقيقية لم يتحمل مسؤوليتها أحد فقد عادت إلى الاكتفاء بتعديلات لا معنى لها مع أنّ الأمر يحتاج إل تضحية حقيقية لأنّ إعادة الاقتصاد إلى سكته لا مناص منه ولا بد من مواجهة الحقائق في أنّ الاقتصاد تهاوى ويزيد في عسر موقف الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد و التي زادت في حدة التراجع دون أن يتوقف هذا التدني عند حدّ معيّن، يزيادة الاتكال الكلي على دخل صادرات المحروقات أزمة حقيقية وكأنّ ذات الاقتصاد مرتبط مصيره بالبورصة النفطية وسماسرة التحكم في الأسعار، والكل يعرف الرهانات الاستراتيجية التي يخضع لها سوق النفط في العالم. الاقتصاد الوطني في حاجة ماسة اليوم إلى السيطرة على الانفاق ومن أجل تحقيق التوازن المالي وانعاش القطاعات التي تنتظر تدخل الدولة من أجل تصريف أمورها ودفع رواتب عمالها. وأيضا لملمة الأزمة السياسية و تنقية محيط الأعمال و حساب مخاطر الاستثمار دون مغامرات وذلك لبناء سياسة اقتصادية برؤية استراتيجية، والوضع الراهن المتسم بالجمود وعدم التوصل إلى حل الأزمة السياسية كفيل بإغراق الاقتصاد والعودة بنتائج وخيمة.