رغم القراءات المتباينة لتصريحات قائد أركان الجيش نائب وزير الدفاع الوطني , غير أن ثوابت هذه التصريحات ظلت نفسها و تتمثل في التمسك بالشرعية الدستورية , و مباشرة حوار جاد بين مختلف الأطياف , و تشكيل لجنة مستقلة للانتخابات, و تنظيم الرئاسيات في أقرب الآجال . أما على مستوى مكونات الحراك , فهناك اختلافات كثيرة في الرؤى ,يقترب بعضها من خارطة طريق السلطة المؤقتة من حيث التمسك بمبدإ الحوار و إجراء إنتخابات رئاسية في أقرب وقت و رفض المرحلة الانتقالية أو المجلس التأسيسي ؛ بينما يبتعد بعض رؤى أطياف أخرى من المعارضة, من هذا الحل بالدعوة إلى ضرورة الذهاب إلى مجلس تأسيسي , و رفض الذهاب مباشرة إلى الاستحقاق الرئاسي قبل التغيير الجذري للنظام , و هذا موقف تتبناه أقلية لكنه يحظى بترويج إعلامي واسع. ولعل تلغيم هذه المبادرات بالشروط المسبقة , وبمحاولة فرض إجراءات و تدابير أحادية الجانب, أو تحديد قسري لمن يحق له المشاركة في الحوار , أو إدراج مطالب تخرج «مبادرات الحل» عن إطارها الدستوري والقانوني , أو تبني مفاهيم غير دقيقة لمواد دستورية تخرجها عن سياقها الشرعي , وغير ذلك من خطوات تحمل في طياتها توجها معلنا أو مبطنا لإطالة عمر الأزمة . ومن هذه الألغام المزروعة في طريق الحل , مطلب» استبدال رئيس الدولة الحالي بشخصية مقبولة وفق الإجراءات الدستورية، واستبدال الحكومة الحالية المرفوضة شعبياً بحكومة توافقية مقبولة», وهو إجراء من شأنه أن يخرج كل خطوة بعده من إطار الشرعية الدستورية ويفضي إلى حالة الانسداد التي تزيد الأزمة تعقيدا , و تفرض بالتالي الدخول في مرحلة انتقالية غير معروفة أو مضمونة العواقب . إلتزام بعدم المشاركة .. علما أن بقاء الرئيس المؤقت و حكومة تصريف الأعمال , لن يؤثر على خارطة الطريق المقترحة من طرف مؤسسة الجيش والسلطة القائمة, ما دامت المؤسستان قد التزمتا بعدم المشاركة في الحوار الذي يسبق انتخابات رئاسية و يتمحور أساسا حول «تشكيل وتنصيب الهيئة المستقلة للتنظيم والإشراف على الانتخابات» التي تحل محل الحكومة في الإشراف على العملية الانتخابية من بدايتها إلى غاية إعلان النتائج. كما يمكن لهذه اللجنة أن تقترح مختلف النصوص القانونية التي تمنحها الاستقلالية التنظيمية, المالية و الإدارية , التي تمكنها من القيام بمهامها علي أكمل وجه. علما أن كل نص تشريعي أو تنظيمي تصدره هذه الهيئة, أو تتوافق حوله أطراف الحوار, لن يكتسي طابع الشرعية إلا بعرضه على الهيئة التشريعية عبر القنوات القانونية للمصادقة عليها وإصدارها من طرف رئاسة الدولة. وبهذا تصبح رئاسة الدولة و الحكومة و الهيئة التشريعية, مجرد قنوات لإضفاء الشرعية على مخرجات الحوار المحصور مسبقا في تحديد خطوات استئناف المسار الانتخابي و آليات تنفيذها , إنها خارطة الطريق المثالية التي يمكنها تحقيق أهم مطالب الشعب و الطبقة السياسية , مع البقاء تحت مظلة الشرعية .