تعتبر الجزائر من البلدان التي ارتبط اقتصادها بالريع النفطي رغم توفرها على ثروات كثيرة و مجالات واسعة للتنمية لكن بسبب إستراتيجية خاطئة انتهجت خلال العقود الماضية و توارثتها حكومات متعاقبة ،فإن الاهتمام ظل مركزا على صادرات النفط مع إهمال شبه كامل لقطاعات إنتاج كبرى ذات أهمية وعلى رأسها الفلاحة التي اتخذتها بلدان مجاورة كرهان للتقدم و كسب المال الكثير دون أن ننسى السياحة التي راهنت عليها ولا تزال بلدان أخرى أقل أهمية من بلادنا في مجال السياحة ، لكنها رفعت التحدي و حققت تطورا قويا ، وقطعت أشواطا كبيرة على طريق التقدم ، بينما ظلت الجزائر أسيرة تبعيتها لصادرات النفط ورهينة تقلبات أسعار سوق البترول مما ينعكس بشكل مباشر على الوضعية الاقتصادية لبلادنا ، وخسرت بهذا الخطأ الإستراتيجي معركة تحقيق تقدم كبير كما حصل في بلدان عربية أخرى تشبه بلادنا من حيث الإمكانيات الاقتصادية . إنه من المؤسف جدا أن نرى الوضع الاقتصادي في الجزائر اليوم يراوح مكانه بين تبعية شبه كاملة لصادرات النفط ، وما أفرزته محاربة الفساد من مراجعة جديدة للخطط و الاستراتيجيات الاقتصادية التي تبتها الجزائر في العقود الماضية ،و مستقبل غامض ومبهم لبلادنا التي تعيش فترة استثنائية على خلفية الحراك الشعبي و ذهاب النظام السابق بعد سقوط رؤوسه و انكشاف قضايا فساد ضخمة غير متناهية ، وانطلاقا من هذه الوقائع والمعطيات فإن الإقلاع الاقتصادي و النهوض بالبلاد بشكل عام لا يمكنه أن يتحقق إلا عبر تنمية اقتصادية متكاملة تشمل كل قطاعات الإنتاج دون استثناء ولا تمييز ، و السخاء في ضخ وتسخير الأموال لإنعاش كل قطاعات الإنتاج من صناعة وفلاحة وسياحة و خدمات وغيرها .