- مسالك وعرة و مطامير متعفنة، والاعتماد على الربط العشوائي للكهرباء - بيوت فوضوية للبيع ابتداء من 40 مليون سنتيم حسب الموقع و المساحة قضت جريدة «الجمهورية» يوما في دوار التيارتية الواقع بمنطقة الحاسي بمندوبية بوعمامة و الذي يعتبر واحدا من أكبر المجمعات السكنية الفوضوية ببلدية وهران إذ يضم أكثر من 150 ألف نسمة ، 80 بالمائة من سكانه نازحين من أرياف و قرى ولاية تيارت تحديدا منطقة الملعب و هو ما دفع إلى تسميته بدوار التيارتية، فيما تمثل النسبة المتبقية عدد قليل من ابناء وهران، الى جانب عائلات قدمت من غيليزان و مستغام و اغلبهم هربوا من الارهاب بحثا عن الأمن في سنوات التسعينات. و لايزال دوار التيارتية يعرف توسعا كبيرا للبناء الفوضوي الذي عجزت البلدية عن وضع حد له خاصة تلك التوسعات المتواصلة على حساب الوسط الغابي ما جعل المنطقة مكانا للبزنسة و نهب العقارات الممتدة إلى غاية حي بن عربة امام صمت السلطات و تغافل المسؤولين عن القطاع الوضع الذي شجع العائلات النازحة في جلب ما تبقى من اقاربهم و جيرانهم للسكن في الدوار، كما اصبح العرسان الجدد ايضا يخرجون من البيت العائلي و يقومون ببناء سكنات في المرتفعات حتى ان المكان الذي يقطن فيه المتزوجون حديثا و هم على الأغلب من أبناء العائلات النازحة و أيضا من أبناء المدينة من الذين يعيشون أزمة سكن يسمونه بدوار «الكناين»، و نشير أيضا إلى أننا تفاجأنا بعدد كبير من البيوت المشيدة بطرق فوضوية و بمواد بسيطة على غرار الحجر و بعض الأجور و القصدير الذي يستعمل لتغطية السقف معروضة للبيع و يوضع عليها عبارة «للبيع» و تبدأ اسعار البيوت هناك ب40 مليون سنتيم فما فوق حسب المساحة و الموقع -حسب تصريحات بعض السكان. و هناك منازل كاملة بطابق واحد تصل إلى 100 مليون سنتيم. إضافة إلى هذا لاتزال الأراضي الشاغرة تقسم و تباع بأسعار متفاوتة من قبل سماسرة العقار تتراوح 20 و 30 مليون سنتيم بالمواقع المتواجدة بالمرتفعات و ما تبقى من الغابات التي يتم فيها الاعتداء على الأشجار و قطعها سكان يطمعون في تسوية الوضعية و آخرون يطالبون بالترحيل جولتنا ب«دوار التيارتية» كانت خطيرة حسب ما قاله بعض السكان معتبرين ما نقوم به مغامرة خاصة خلال توغلنا في عمق الدوار المعروف بالاودية و المرتفعات و مسالكه الصعبة هناك حيث تكثر الجريمة و الاعتداءات و السرقات و إدمان الشباب و المراهقين على أنواع المخدرات، و بغض النظر عن الوضعية الاجتماعية للسكان هناك حيث تعاني معظم الاسر الفقر و الحاجة و أسر أخرى بسيطة جدا تعيش على راتب رب أسرة يعمل اجيرا براتب يومي، و شباب يعانون البطالة نسبة كبيرة منهم هاجروا البلاد عن طريق «الحرقة» و الباقي يعملون كباعة بالمدينة الجديدة، لعل اكثر ما يهم السكان بدوار التيارتية هو تسوية الوضعية في إطار قانون 15/08 علما ان عدد كبير منهم استفادوا من التسوية حسب تصريحات السكان و الباقي يحملون مخاوف كبيرة من استرجاع العقارات في اي لحظة من قبل البلدية و هدم البيوت المشيدة خاصة و ان معضمها مبنى بطريقة احترافية و جميلة، في حين اننا كلما توجهنا وسط الدوار لاحظنا بيوتا من أجور و أسقف من قصدير او ما يعرف ب«الطولا». كما صادقا بعض السكان يشتكون من الوضعية المزرية و الحياة الصعبة و المقرفة هناك و يطالبون الدولة بمنحهم سكنات اجتماعية لائقة و اخراجهم من الازمة، و منهم من اودعوا ملفات طلب السكن لدى مصالح الدائرة و ديوان الترقية و التسيير العقاري منذ سنوات بيوت مشيدة بالاجور و القصدير في الأودية و المرتفعات عندما دخلنا إلى الدوار بداية ظهرت البنايات منتظمة كونها مشيدة بأساليب عصرية و من المنازل من تضم طابقين، و هي منازل قريبة من الطريق العام، و تبث العكس بمجرد ما تقدمنا إلى وسط البناءات العشوائية المتواجدة في المرتفعات و الأودية الوصول إليها صعب للغاية نظرا لمسالكها الضيقة و الوعرة التي لا تصل إلى السيارة. حياة السكان هناك عادية جدا و لا نطالب بهم غير البقاء حيث هم و تسوية وضعيتهم إزاء سكناتهم علما ان الدوار استفاد اغلب سكانه في الربط بشبكة المياه الصالحة للشرب في حين لا يزالون يعتمدون على المطامير لصرف المياه القذرة ما خلق بؤر متعفة و مياه صرف متدفقة في كل مكان و تزداد الحياة صعوبة عندما تسوء الأوضاع في موسم الأمطار ، زيادة على ذلك يلجأ سكان دوار التيارتية إلى الربط العشوائي للتيار الكهربائي معتدين بذلك على أعمدة الإنارة العمومية بالاحياء المجاورة. اكتضاض بالمدارس و ضغط على المؤسسة الصحية الوحيدة بالحاسي و افات اجتماعية بالجملة أما بالنسبة للخدمات و التغطية الصحية فإن السكان يقضون احتياجاتهم اليوم و كل مشترياتهم من حي الحاسي، و أيضا الفحوصات و التطعيمات الخاصة بالاطفال و كل ما يتعلق بالتكفل الصحي بالمؤسسة الجوارية للصحة العمومية بالحاسي، علما ان وسط الدوار تتواجد دكاكين صفيرة توفر ما يلزم من المواد الغذائية و قارورات الغاز، و تتوفر أيضا مخبزة تغطي جزء بسيط من احتياجات السكان. و لا يزال دوار التيارتية المكتض بالسكان في اوديته و مرتفعاته يستقطب المزيد من العائلات و النازحين من الارياف و قرى الولايات المجاورة و حتى بعض الولايات الشرقية كبجاية و تبزي وزو و غيرهم من الذين يبحثون عن عروض البيع او المراء داخل الدوار، و بالرغم من كل النقائص و المشاكل و الحياة التي أقل ما يمكن ان يقال عنها انها بدائية تبقى «السكنة» في وهران و بالقرب من المدينة الحلم الذي تحقق لآلاف الأسر و الشباب بمساعدة السلطات التي سمحت بتنامي الفوضى في الوسط الحضري دون ان تضمن التأطير و المرافقة ما سمح بارتفاع نسبة الجرائم و الاعتداءات وسط الدوار و انتشار البطالة و توسع نطاق الإدمان و المتاجرة بالممنوعات و اكتضاض في المؤسسات التربوية ليصل عدد التلاميذ على مدار سنوات إلى 50 تلميذ في القسم الواحد ما نتج عنه تسريبات بالجملة و زواج مبكر و زيادة في نسبة الطلاق و زيادة عدد البطالين .