دخل متلصصا تحمله رؤوس أصابع قدميه داخل المنزل ، جال فيه متفحصا الأشياء الغارقة في الظلام والصمت ، وكأنه طائر خُلِقَ ليعيش في ظلام الكهوف ، دفع احد الأبواب ثم ولج داخل الغرفة التي ينام فيها زوجان فوق سرير حديدي عال عن الأرض ، طفل رضيع ينام في مهده هادئا ، حمل الطفل إلى خارج الغرفة مخافة أن يصحو ، ساد الغرفة صمت حجري ، راح يلملم ما يصادفه من أغراض في كيس قماشي ، بين انهماكه في لملمة ثمين الأشياء ، أطلق الطفل صوته باكيا ، بخفة وكيسه بيده انبطح تحت السرير الحديدي ، استيقظت الأم على بكاء وليدها ، لكزت زوجها مرعوبة : ( استيقظ يارجل ، ابنك يبكي خارج الغرفة !) . سألها بصوت مرتبك : ( ماذا يا امرأة ؟) . أجابته خائفة وهي تصرخ :( ابني يبكي في باحة الدار !!! ) . لم يعطهم الطفل مجالاً للتفكير ، بكاؤه يصم الآذان ، هُرعا إلى الخارج لتحمله أمه بين يديها خائفة تسال زوجها :( من حمله ؟ ) . لم يمنحها الوقت لإكمال سؤالها ، ارتفعت القعقعة تصدر عن السقف ، البيت يهتز من أساسه كأن زلزالا ضربه ، تَهَشمَتْ جذوع الأشجار التي تحمل السقف ، تصدعت الجدران ليتساقط التراب بكثافة ، تخاطفت الخفافيش مذعورة في كل اتجاه قبل أن يهبط السقف ساقطا وسط ذهول الزوجين ، جهد أبناء المحلة كثيراً لإخراج جثة اللص .