تعيش الجزائر تأخرا ملحوظا في تكنولوجيات الرقمنة مما انعكس سلبيا على سير العمل الإداري و قطاع الخدمات بشكل عام و هو ما ساهم بقدر كبير في تعطيل مصالح المواطنين و اضطرارهم إلى الانتظار الطويل في استخراج وثائقهم وملفاتهم و إتمام معاملاتهم الإدارية في وقت قصير ، كما ساعد هذا الغياب لنظام الرقمنة شبه الكلي في انتشار ممارسات الفساد والبيروقراطية إلى درجة أن المواطن يضطر في أحيان كثيرة إلى دفع المال مقابل وثيقة و قبول ملف والمصادقة عليه حيث أن الكثير من ملفات المواطنين و وثائقهم تظل حبيسة الأدراج لوقت طويل في انتظار الفرج و رضا عون الإدارة لوضع توقيعه أو رفع الملف إلى المسؤول لمراجعته و المصادقة عليه ،و الأمثلة كثيرة و كثيرة جدا ، وطوابير الانتظار تطول وتطول ، كما أن زيارة المواطن لمكتب ما أو شباك في هذه الإدارة أو تلك يتكرر مرات عديدة دون أن تقضى حاجته و تسلم له وثائقه و هو بين ذهاب وإياب و انتظار ينتهي بعبارة –وثيقتك غير جاهزة ارجع في وقت آخر - . إننا في الوقت التي تراهن فيه بلدان شقيقة على نظام الحكومة الإلكترونية وإجراء المعاملات الإدارية عبر الشبكة العنكبوتية ، لا تزال الغالبية العظمى من إداراتنا تعمل بالطريقة التقليدية ، حيث تملأ أوراق الملفات الأدراج و الخزائن و يضيع الموظف وعون الإدارة وقتا ثمينا في البحث عن هذه الوثيقة ،أو ذاك الملف بينما تسهل العملية لو أن كل الوثائق والملفات قد خزنت في ذاكرة الحاسوب-الكمبيوتر- و صنفت ورتبت وفق نظام معين ،و في ظل هذا التخلف التكنولوجي الذي تعيشه إداراتنا و بلادنا بشكل عام نبقى جد بعيدين عن جديد الثورة التكنولوجية و عصر الروبوتات التي تبرمج للقيام بأعمال كانت من مهام البشر ، ونحتاج للكثير من الوقت والجهد و المال لدخول عالم التكنولوجيا الواسع الذي ولجته بلدان عربية قبلنا و تجاوزتنا بكثير لنراوح نحن مكاننا غارقين في أزمات سياسية واقتصادية و هموم التطلع إلى سكن لائق و علاج صحي و منصب عمل و حياة كريمة. وقد حدث هذا مع كل الأسف الذي يمكن أن نتصوره بسبب سياسات تجاهلت قيمة ودور التكنولوجيا في تطور وتقدم الشعوب ، وفي غياب أو تغييب النخبة التي كان بإمكانها الإمساك بزمام الأمور وتوجيه سفينة الجزائر نحو طريق التقدم بعيدا عن الفساد والهيمنة الشرسة لرجال سياسة ، ورجال المال الذين عبثوا بالمال العام واستولوا عليه بالتواطؤ مع حلفائهم من رجال السياسة الفاسدين، و لهذا فإن مجرد الحديث عن طابور طويل للمواطنين أمام شباك في إحدى إداراتنا يوحي لنا بدرجة تخلفنا التكنولوجي الناتج عن الفساد وسوء التسيير .