بقدر ما تشبع قطاع التعليم العالي بأعداد الجامعات و المراكز و تكاثرت تخصصاته و تشعّبت بقدر ما فقدت الشهادات الجامعية قيمتها و خفّ وزنها في ميزان سوق العمل فلم يعد يكبر في أعين أرباب المال صاحب الماستير و لا الدكتوراه بل صاحب الخبرة و الكفاءة المهنية و لو كان بلا شهادة ، و صغر في أعين الناس حاملها ،و الخبرة أصبحت أول شرط في عرض العمل و أول عقبة يواجهها طالبه ،و الواقع أن الشهادة العليا أُفرغت من مضمونها و لم تعد تعني التحكم في العلم و المعرفة و تقهقرت مراتبها و صار حاملوها يُنعتون بعديمي المستوى ، و للأسف صارت الجامعة الجزائرية تُخرّج الآلاف بل الملايين من أشباه هؤلاء حتى تدخلت الوصاية ببعض الحلول الترقيعية لمحو عيوب منظومة أنجبت بطالين بشهادات عليا و من ذلك أجهزة الإدماج و المساعدة لفائدة شريحة يُفترض أن تكون هي نخبة المجتمع و قاطرة الاقتصاد ،نخبة غارقة في البطالة تتقاذفها وكالات التشغيل، بين طلبات توظيف مرفوضة بسبب نقص الخبرة و أفكار مؤسسات مصغّرة أصحابها يحلمون بالمقاولاتية التي تمنع عقبات الإدارة و البنوك من تجسيدها ،شباب يخرج من الجامعة متحمسا للعمل فيفقد الأمل بعد سنوات من البطالة المقنعة تحت شعار المساعدة على الإدماج المهني .