لأول مرة في تاريخ الحملات الإنتخابية بالجزائر، المترشحون يشرعون في حملاتهم بتفضيلهم كلمة «مترشح حرّ» دون الإرتكاز على تنظيمات سياسية كانت توصف باللاّعب الأساسي. فأحزابنا بعتيدها وجديدها، أضحت مرتعا خصبا، للأزمات كردات إهتزازية لحبس العديد من قيادييها المتورطين في قضايا الفساد، والمنظمات الجماهيرية شأنها شأن الأحزاب، لم تشذ عن القاعدة العامة، ولم ترفع الستار عن خياراتها بخصوص دعم فلان أم علان.. الحزب السياسي عبارة عن تنظيم محكم البنيان له قيادته الساهرة على تنشيطه وتسييره وله هياكله وهيئاته وممثلوه ومناضلوه وأنصاره المقتنعون ببرنامجه السياسي وأفكاره وإيديولوجيته ومعترف به من الدولة ويحتل حيزا في الحياة السياسية حيث يسعى للوصول الى السلطة منفردا او بالمشاركة مع غيره في اطار التكتل والتحالف أو يقوم بالمعارضة في انتظار الفرصة المواتية. فالحزب مؤسسة للنضال والتكوين السياسي والتنافس على الحكم عن طريق الانتخابات ويتم اختيار الممثلين والمسؤولين فيه بواسطة الانتخاب وغالبا ما تتخذ القرارات الهامة بموافقة الاغلبية في المكتب السياسي او اللجنة المركزية او المؤتمر العام وليس من قبل رئيس الحزب او الامين العام له حسب التسميات المتداولة لتجنب القرارات الفردية والزعامات المهيمنة واضفاء طابع الديمقراطية على العمل الحزبي الذي من المفروض ان يزداد كثافة وقوة خلال الازمات والاحداث الهامة للتفاعل معها واقتراح الحلول لها وتقديم المبادرات واعلان المواقف فذاك هو عمل السياسي الحقيقي والمناضل الحزبي وليس التزام الصمت والاختباء في انتظار مرور العاصفة بسلام وبعدها يأتي للمطالبة بتقاسم الغنائم على طريقة بعض الاعراب الذين اشار اليه القرآن الكريم في سورة الفتح. فبلادنا تعرف نشاطا سياسيا غير مسبوق يقوم المواطنون منذ 22 فبراير الماضي من خلال الحراك السلمي مطالبين بالإصلاح والتغيير والقضاء على الفساد ورموزه ورغم مرور عشرة أشهر كاملة لم يضعفوا ولم يتعبوا والحملة الانتخابية لرئاسيات 12ديسمبر في اسبوعها الاول والصراع السياسي والايديولوجي على اشده في الشارع وفي وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وكل واحد يدلي بدلوه بغض النظر عن مستواه وتكوينه لكن الاحزاب السياسية شبه غائبة أو نائمة فلا أدري ما وقع لها وكأن الامر لا يعنيها وستون حزبا المعتمدة عندنا لا تصلح للرقية السياسية ولا للقراءة على الاموات. فجبهة التحرير الخالدة لم يبق منها الا الاسم وبعض البيانات فلا جميعي ولا بوشارب ولا ولد عباس ولا سعداني ولا بلخادم والتجمع الوطني الديمقراطي أمينه العام في سجن الحراش ونائبه مرشح للرئاسيات محاولا انقاذ ما يمكن انقاذه واحزاب عمار غول وعمارة بن يونس ولويزة حنون كلهم في محنة (آه يا سلاك الحاصلين) والدنيا دوارة وغدارة والفساد سم قاتل وحتى الاحزاب التي يتمع قادتها بالحرية والصحة والعافية تطل علينا بخجل بتصريحات وبيانات لا تقدم ولا تؤخر مثل حركة مجتمع السلم والنهضة والاصلاح والعدل والبيان وجبهة القوى الاشتراكية والتجمع من اجل الثقافة والديمقراطية «فكرتوني في اغنية فريد الاطرش حبيبي يا غايبين..». فالساحة السياسية فارغة ولم يبق بطولات إلا شباب بلماضي واطفال فلسطين الذين يحملون العلم الجزائري في وجه الصهاينة والا كنا سنتجمد من برد الشتاء من هذا الصمت القاتل بالله عليكم يا أحزاب عودوا فقد اشتقنا لرؤيتكم وتصريحاتكم(...).