بعد انتظار طويل وشد ومد وأخذ ورد واقتراح وتأجيل جاء يوم الحسم ليقول الشعب الجزائري كلمة الفصل في قضية الانتخابات التي صيروها أعقد من ذنب الضب لكن الشعب الجزائري بقياداته المتمكنة تمكن من تجاوز كل الصعوبات والعراقيل كعادته مستجيبا لنداء الوطن ومؤديا للواجب الانتخابي وممارسا لحقه في انتخاب رئيس الجمهورية الجديد بكل ديمقراطية وحرية ليؤكد انه صاحب السلطة والسيادة في الدولة الجزائرية رافضا الوصاية عليه أو التدخل في الشؤون الداخلية لبلاده وقد لاحت تباشير النصر مع مطلع شمس نهار أمس الخميس وبداية انقشاع غيوم الأزمة بعد تسعة أشهر من المخاض العسير لتسفر عن ولادة جزائر جديدة تخضع للشرعية ودولة الحق والعدل والقانون فقد انتهى زمن العصابة والفساد والاستبداد والتخلف لينطلق قطار الحياة نحو المستقبل الزاهر المملوء بالإنجازات والمكتسبات وتحقيق الوعود والأحلام والرغبات. لقد انتظرنا بقلق وشوق هذا اليوم التاريخي الذي أعاد لنا البسمة والفرحة والاطمئنان وأزال عنا وساوس الخوف وجعلنا ننظر إلى المستقبل بأمل وتفاؤل وستكون رئاسيات 12 ديسمبر، مرجعية في العمل السياسي المؤسس على الديمقراطية التشاورية والمشاركة الشعبية والنضال السلمي والحوار البناء فقد تم التحضير لهذه الانتخابات بداية بإنشاء لجنة الحوار والوساطة التي تحاورت مع الكثير من الفعاليات السياسية من أحزاب ومنظمات وجمعيات وأعدت تقريرا عن نشاطاتها وبناء على ذلك تم تأسيس السلطة الوطنية للانتخابات التي أوكلت لها عملية تنظيم الانتخابات الرئاسية والاشراف عليها من البداية إلى النهاية بعيد عن وزارة الداخلية والجماعات المحلية التابعة لها والتي دأبت منذ استرجاع الاستقلال على تنظيم الانتخابات وهذا أمر جديد ومفيد للعملية السياسية بإبعاد شبهة التزوير عن الادارة العمومية والهيئة التنفيذية بصفة عامة ولهذا رأينا المترشحين الخمسة لا يتحدثون عن التزوير والتلاعب بالنتائج فصناديق الانتخاب هي التي تحدد الفائز في هذا السباق السياسي الهام فقد انتهى عهد صناعة الرؤساء في جزائر الحراك السلمي وبدعم من قيادة المؤسسة العسكرية التي لها الفضل الكبير في اجراء هذه الانتخابات بكل استقلالية ونزاهة دون توجيه أو تدخل لصالح أي مترشح، وسيبقى الباب مفتوحا أمام المقاطعين والمعارضين للمسار الانتخابي ليلتحقوا بركب التغيير والاصلاح والانتقال السلس والسليم للسلطة بقيادة رئيس الجمهورية الجديد الذي سنعرف بعد فرز الأصوات وفور تسلمه مهامه تنتهي مهام رئيس الدولة السيد عبد القادر بن صالح ليعود مشكورا لمنصبه في رئاسة مجلس الامة وكذلك الأمر بحكومة السيد نور الدين بدوي لتصريف الاعمال وهكذا تتحقق الكثير من مطالب الحراك السلمي عن طريق الحل الدستوري ونتجاوز الأزمة السياسية بهدوء وفي أمن وسلام لنتفرغ لأمور أخرى تبدو أكثر جدية ونخرج من الدائرة المفرغة التي حشرنا فيها تسعة أشهر كاملة فمرحى يا جزائر المعجزات وألف شكر لكل الأحرار الذين حضروا في الوقت المناسب لصناعة المجد ورفع راية الوطن عاليا في السماء.