حب الكرسي ليس حكرا على السياسيين الطامحين إلى حكم الناس , و إنما هو حلم جميع الناس إلى درجة أن الكثير منهم يرون في أحلامهم كراسي متنوعة , أوجد لها مفسرو الأحلام تفسيرات تختلف باختلاف الرائي و الجالس و نوعية الكرسي و المادة التي صنع منها و لونه و شكله , و ما إلى ذلك من بضاعة مزجاة يتهافت عليها الخلق , علهم يحظون بكرسي يغير وضعهم من حال إلى حال. هذه المقدمة كلها من أجل التنويه بأنه ليست كل الكراسي تغير حال الجالس عليها حتى و إن جلس على كرسي "فخم" يتجاوز سعره ال 7 ملايين سنتيم ؟ نعم قد يحدث هذا, و يحدث خاصة عندما توكل المسؤوليات إلى من لا يقدرها حق قدرها , فيستغلها في جميع الوجوه الخاطئة باستثناء الوجه السليم . و من ذلك ما بلغنا أن أحد المسؤولين في إحدى جامعات البلاد تخلى عن منصب المسؤولية بسبب خلافات مع مسؤوله المباشر, فعاد إلى مهامه العادية كأستاذ مثل بقية الأساتذة ,غير أنه اصطدم بتصرفات من خلفته في منصب المسؤولية , لا تمت بصلة لأخلاقيات أية مهنة بله مسؤولية تسيير كلية جامعية ؟ إذ بدلا من أن تكشف على قدرات تسيير أفضل منه , أو في مجال إنشاء و إصدار و تحكيم مجلات علمية أكاديمية محكمة تحظى باحترام عالمي , أو في تمثيل الجامعة الجزائرية في الملتقيات العالمية ذات المستويات الرفيعة , محاضرة أو مناقشة أو تأطيرا , بدلا من كل هذه المجالات "الشريفة" للتنافس , كرست المسؤولة البديلة مهمتها في كل ما "يُكَرِّه لسلفها حياته", و بلغ بها الأمر إلى إنزال "كرسيه"(قيل لنا أن سعره يقارب 7 ملايين سنتيم) الذي اعتاد الجلوس عليه حين كان مسؤولا, إلى الدور الأول ووضعه تحت تصرف الحاجب ليجلس عليه , نكاية فيمن خلفته , و اقتنت كرسيا بديلا خاصا بها ! معتقدة أن هذا التصرف يحط من قدر و مكانة "المسؤول المستقيل" ,الذي استقال ليفسح المجال لأصحاب مثل هذه الذهنيات , لتعيث في جامعاتنا رداءة انعسكت سلبا على تسيير و مردودية أكثر من قطاع. لا شك أن الرئيس الجديد الذي تعهد بإصلاحات جامعية , في حاجة إلى مكنسة ذكية لكنس كل من كرسوا الرداءة في التعليم العالي ,و عبره في مختلف دواليب الدولة.