يعيش العالم على وقع النزاعات والحروب والأزمات السياسية وكذا الاحتجاجات والمظاهرات، المشتعلة هنا وهناك لأسباب متعددة ومختلفة من بلد لآخر، ومما لا شك فيه أن الجزائر عاشت بدورها أزمة سياسية حقيقية، عندما انتفض الشعب منذ ما يزيد عن السنة، على الحكم السابق الذي كرس الفساد بكل أبعاده وأشكاله وألوانه، وكاد أن يودي بالبلاد والعباد إلى الهاوية، فخرج بالملايين عبر كامل التراب الوطني، بعدما نفذ صبره وضاق ذرعا من الوضع المتردي الذي آلت إليه البلاد، ليطالب برحيله وإحداث القطيعة معه ومع كل رموزه والتابعين لهم والمحسوبين عليهم، في مسيرات سلمية حاشدة، لا تزال متواصلة لحد الساعة، بطرق حضارية، وبنفس الوتيرة والهدوء ... حيث صنع الشعب من خلالها، أجمل الصور والمشاهد التي أبهرت العالم برمته. فالجزائر كانت ولا تزال دولة تصدر قيم السلم والتسامح، فهي لا تتوانى في حل الأزمات وفض النزاعات بدول الجوار، إيمانا منها بضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار بالمنطقة، معتمدة في ذلك على الحوار، الذي يبقى سلاحها القوي لمواجهة القضايا الكبرى والملفات الشائكة المطروحة إقليميا وحتى دوليا، بل لأنه الكفيل بتقريب وجهات النظر المتعاكسة، من أجل التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف المتناحرة، وتجمع شمل الفرقاء ، فمساعيها وتجاربها الناجحة في مباحثات السلام، يشهد لها الجميع، وهو ما جعل استشارتها مطلوبة، ورأيها مهما وضروريا، لحل العديد من الأزمات والقضايا الحساسة المطروحة على الصعيد الدولي، بالنظر إلى مسارها الطويل في ذلك، الذي أكسبها ثقة الجميع، واحترما دوليا كبيرا، وقد تيقن العدو قبل الصديق، أن سياستها مبنية على الحوار والصلح والسلام والتفاوض، وليست عدوانية مع أي كان...