"إن الوكالة الوطنية للنشر والإشهار تمنح الإشهار وفقا لقواعد تجارية ترتكز على معايير ذات صلة بحجم السحب ورغبة المعلن واحترام قواعد وأخلاقيات المهنة، و أن الوضع سيظل كذلك إلى حين إصدار قانون جديد لتنظيم قطاع الإشهار لاحقا" "إن المؤسسة الوطنية للإشهار والتوزيع تتمتع بالاستقلالية التامة "فالمؤسسة هي المسؤولة عن توزيع الإشهار لكل القطاعات"، " و "الوزير لم يتدخل ولو مرة في إعطاء أوامر تخص طريقة التوزيع أو حتى المؤسسات المستفيدة من هذا التوزيع، وأن مهمة الوزارة هي تكملة المشروع الخاص باحترافية الصحافة" هذا جزء من بعض الردود الرسمية عن الضجة التي كانت تثيرها بعض الصحف الوطنية حول طريقة توزيع الإشهار العمومي في ظل النظام السابق , وهي ردود كما تبدو اكتفت بالتلميح دون التصريح ودون التفريط في المصارحة و المناصحة من طرف من أوكلت لهم مهمة أخلقة أكثر القطاعات حساسية و إخضاعه لمعايير الاحترافية , ألا وهو قطاع الإعلام الذي عانى لعقود من الفوضى و تسلط اللوبيات التي استحوذت على كعكة ريع الإشهار الخاص و جزء معتبر من الإشهار العمومي و تطمع في المزيد . و غالبا ما ظلت هذه الردود فضفاضة تحتاج إلى ما يدعمها من بيانات رقمية حول سوق الإشهار في الجزائر من شأنها أن تفحم المطالبين بنصيب من هذه السوق لطالما ما حصلوا عليه دون أن ينعكس ريعه على الوضعية المهنية و الاجتماعية لمستخدميهم أو يتحسن أداؤهم المهني بما يخدم المهنة والمجتمع و الصالح العام , لينعكس هذا الريع في المقابل في حياة ملؤها البذخ و التبذير لأقلية متحكمة في بعض اللوبيات الإعلامية التي نشأت وترعرعت بالمال العام وتوسعت وانتشرت إعلاميا بمآسي الجزائريين المستغلة كأداة ضغط لممارسة الابتزاز و الاستحواذ على مزيد من الريع الإشهاري . لقد أشرنا مرارا إلى الغموض الذي اكتنف طريقة توزيع أموال الإشهار في الفترة السابقة , عندما كانت الصحف التي تحرص على الدفاع عن المصالح العليا للبلاد و على تقديم الخدمة العمومية في أوسع نطاقاتها , تحصل على الفتات الذي يتبقى من حصة الأسد من أموال الإشهار العمومي المغذية "لقوى غير إعلامية" كما وصفها الرئيس المدير العام الجديد للمؤسسة الوطنية للاتصال و النشر و الإشهار الذي انتقد طريقة تسيير هذه الأخيرة خلال السنوات الأخيرة للنظام السابق بحيث استغلت –حسبه-ك"وسيلة للثراء الفاحش غير القانوني من طرف قوى غير إعلامية ساهمت في إصدار 40 جريدة ليس لها علاقة بالإعلام"؟ و تحدث المسؤول الجديد عن وجود ملف تسيير هذه المؤسسة بين يدي مصالح الدرك و المفتشية العامة للمالية للتحقيق فيما شابه من تجاوزات , كما تحدث عن وضع آليات جديدة لتوزيع أموال الإشهار تتمثل في 14 معيارا لتنظيم وتأطير العملية , خاصا بالذكر نسبة المقروئية , و طبيعة الإشهار(محلي , جهوي و وطني), بالإضافة إلى معايير إدارية كتوفر السجل التجاري , و الوضع الضريبي و التصريح بالعمال ... و الإشكال في هذا "البوصيّار ذي ال14 معيارا", أن الوكالة التي تتحكم في 65 %(فقط) من سوق الإشهار الوطنية , قد لا تجد من تمنحه "إعلاناتها الإشهارية " من بين 530 نشرية الصادرة في البلاد , ممن تتوفر فيه كل المعايير المطلوبة , و عندئذ قد تتفاقم مشاكل وسائل الإعلام أكثر مما كانت عليه في عهد النظام السابق , و بالتالي فإن اعتماد الوكالة "الشفافية التامة " في توزيع الإشهار, عبر إصدار بيان "دوري" حول الإعلانات الإشهارية الموزعة على مختلف وسائل الإعلام , من شأنها سد الثغرات و إصلاح الاختلالات التي تسرب عبرها الفساد إلى هذا القطاع الحساس.