عندما تم الإعلان عن إقرار قاعدة 51/ 49 على الاستثمارات الأجنبية في الجزائر سنة 2008 من طرف الرئيس المستقيل , تلقاها جميع الأطراف في الداخل بالتصفيق والترحيب, و جميع الأجانب بالقدح و التأنيب ,خاصة عندما تساءل الرئيس السابق "..كيف لمستثمر أتى للجزائر باستثمار لا يتجاوز ال 700 مليون دولار، وفي غضون 3 سنوات حصل على 2 مليار دولار كأرباح صافية في حين لم تحصل الجزائر على أي شيء ؟" و ها هي الجزائر اليوم تعيد النظر في هذه القاعدة التي ستبقى سارية المفعول فقط في القطاعات الاستراتيجية و أنشطة شراء و بيع المنتجات , حسبما تقرر خلال مجلس الوزراء الأخير,ضمن التدابير المتخذة من أجل الإنعاش الاقتصادي , شريطة "إخضاع قاعدة 49/51 لنصوص تنظيمية شفافة تجنبا لأي تأويل أو التباس في الحفاظ على الثروة الوطنية"، كما أمر رئيس الجمهورية في هذا الشأن مقدما "تعليمات لاتخاذ إجراء مماثل بخصوص استعمال حق الشفعة على أن يكون من اختصاص الوزير الأول بعد دراسة عميقة من طرف الخبراء، وكذلك الشأن بالنسبة لأي تنازل عن الأسهم بين الشركات الأجنبية الناشطة بالجزائر". [51/49 و حزمة التدابير الاحتياطية ] و رغم أن مراجعة قاعدة 51/49 أحيطت بتدابير احتياطية تحول دون استغلالها لاستنزاف احتياطاتنا المالية دون قيمة مضافة تخدم الاقتصاد الوطني , إلا أن الصدى الذي كان لهذا القرار في الصحافة الأجنبية , يكشف مدى اهتمام المتعاملين الأجانب بفرص الاستثمار التي تتيحها السوق الجزائرية , و مطالبتهم مباشرة أو بشكل غير مباشر بإلغاء القاعدة السالفة الذكر حيث "طالبت أطراف بشكل رسمي وغير رسمي بإلغائها تماما وعلى رأسها المنظمة العالمية للتجارة التي تتعثر المفاوضات معها في كل مرة بأسباب عدة ومنها سبب فرض هذه القاعدة. كما أن الاتحاد الأوروبي الذي طالب في وقت سابق بإعطاء حوافز أكثر للمستثمرين الأجانب، ومنها وقف العمل بالقاعدة 49/51 بغضون سنة 2020. وكذلك الحال بالنسبة للحكومة الأمريكية والألمانية التي انتقدت الإجراء في وقت سابق"... إضافة إلى بعض الاقتصاديين الجزائريين الذين بينوا في منشوراتهم أن هذه القاعدة تتسبب في تعطيل والحد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.." وعبروا عن خيبة أملهم في مواصلة الحكومات المتعاقبة العمل بها. و نظرا للآراء المتباينة بخصوص هذا الإجراء الاقتصادي بين مرحب و متخوف , فإن السلطات اختارت من الأمر أوسطه , فهي من جهة قررت إعادة النظر في القاعدة المعمول بها بشكل يستثني "الاستثمارات المدرة للدخل والمنتجة للثروة الحقيقية، كقطاع الفلاحة والري والأشغال العمومية والسياحة والمنشآت الكبرى والنقل البري والصحة، والتي لا تؤثر على سيادة الدولة وأمنها القومي الاستراتيجي. وأن تحافظ على تطبيقها في قطاعات الطاقة و المالية و المناجم و البنوك و التأمينات والاتصالات والتعليم والموارد المائية والطيران المدني والنقل البحري وتسيير الموانئ والمطارات والصناعات الغذائية والدوائية". و ستتولى الحكومة وضع نص تطبيقي لتحديد "مدونة القطاعات الاستراتيجية غير المعنية بإلغاء قاعدة 51/49 , و القطاعات غير الاستراتيجية المعنية بالإلغاء " كما أوضح ذلك وزير المالية لوكالة الأنباء الجزائرية . و لا شك أن وضع مثل هذه المدونة في أسرع وقت سيزيل الكثير من الالتباس حول هذا الإجراء , و حول الاستراتيجية الاقتصادية للبلاد بشكل عام .