من التوجيهات العامة الصادرة عن رئيس الجمهورية خلال اجتماع مجلس الوزراء الفارط، مطالبته أعضاء الحكومة "الإصغاء أكثر لانشغالات المواطنين و التكفل بها , و تجنب القرارات المتسرعة ..." و من شأن مثل هذه التوجيهات أن تخفف من حدة بعض التحاليل الإعلامية التي , تكرس تحميل المواطن وحده مسؤولية تزايد حالات العدوى بفيروس كوفيد-19 في ولايات الوطن ؛ حيث أصبح المواطن متهما بنشر الوباء حتى يثبت براءته !و العكس عندما ينحسرعدد الإصابات,فالفضل للسلطات و ما تتخذته من إجراءات ؟ هل هذا التوجه سليم ؟ الإشكال في هذا التساؤل , أنه يحتمل عدة أوجه , و حتى الوجه الذي يدين المواطن , يبقى وجها ضعيفا من منطلق أنه ما من مواطن يتصرف تصرفا و هو يدرك انه سيتسبب في هلاكه ؟ بمعنى أن التحليل الدقيق للظروف التي أحاطت بانتقال العدوى إلى كل حالة من الإصابات المؤكدة إلى حد الآن و المقدرة بحوالي 45158 إصابة , سيكشف أن ظروفا قاهرة تسببت في إصابتهم بالمرض , فالأخ الذي يبلغه خبر مرض أخته المقيمة وحدها في مدينة بعيدة , لن يتأخر في نجدتها ونقلها إلى مؤسسة صحية, بغض النظر عن الخطورة الكامنة في هذا التصرف , لا سيما عندما أصبحت المؤسسات المستقبلة للمصابين بفيروس كوفيد-19 بؤرة لانتشار العدوى حتى في ظل "الالتزام بإجراءات الوقاية واليقظة واحترام قواعد النظافة والمسافة الجسدية إلى جانب الامتثال لقواعد الحجر الصحي والارتداء الإلزامي للقناع".؟ كما يكرره باستمرار أعضاء لجنة المتابعة و الوقاية من وباء كوفيد-19. * نماذج عن الظاهرة
و حتى إذا كانت هناك أخطاء أو خطايا يرتكبها المواطنون خرقا لإجراءات الوقاية من الوباء , فهي حالات قليلة مقارنة مع ملايين المواطنين الملتزمين بتدابير الحيطة والحذر, و لذا من المفروض تسليط الضوء على عوامل أخرى تتسبب في ازدياد عدد المصابين , و من ذلك عدم التقدير الدقيق لعواقب بعض القرارات و الإجراءات المتخذة على عجل لإبعاد المسؤولية عن الذات , أي "القرارات المتسرعة " التي طلب رئيس الدولة بتجنبها. فالذي تسبب في تشكيل طوابير لا متناهية في بداية الوباء أمام البلديات , هو الإعلان على الملإ عن توزيع منحة للمعوزين ؟ و الذي تسبب في أزمة السيولة الحالية هو قرار تأجيل تسديد فواتير الكهرباء و الغاز و الماء و الهاتف و إيجار السكن و الضرائب و غيرها من المداخيل التي كانت تمون البنوك ومراكز البريد ؟ و الذي أدى إلى اضطراب نظام دفع الرواتب و المعاشات ليس نقص السيولة فقط و إنما معها التغيير المستمر لمواعيد دفع هذه الأجور و منح التقاعد ؟ و الذي سيؤدي بعد حين إلى تشكل طوابير أمام مصلحة تسجيل عقود الزواج عبر البلديات , ليست كثرة عدد المتزوجين ,و لكن غلق هذه المصلحة و وقف إبرام عقود الزواج بذريعة الحد من عوامل انتشار الوباء ؟ و هو ما حدث منذ الفاتح سبتمبر الجاري ؟ و نفس علامة الاستفهام توضع بخصوص قرار توجيه المصابين بالوباء إلى استكمال فترة علاجهم في منازلهم , دون دعم الإجراء برزنامة مراقبة دائمة لهؤلاء المصابين تحول دون تحوُّلهم إلى ناقلي العدوى إلى غيرهم؟ و لذا فقد يكون من السهل اتخاذ القرارت" المتسرعة" , و لكن من الصعب مواجهة عواقبها. و من يريد إحصاء عدد القرارات المتسرعة المتخذة منذ بدء الجائحة , فما عليه سوى فرزها من بين القرارات الأخرى ,لأن من علاماتها الظاهرة ,الطوابير التي تتمخض عنها؟