تواجه الجزائر أزمة اقتصادية زادتها تداعيات وتوابع جائحة كورونا سوء وهو ما تطلب اتخاذ مبادرات وتبني استراتيجيات تسيير جديدة تعيد الاعتبار لقطاعات مهمة ظلت مشلولة و مجمدة طيلة السنوات الأخيرة ،و تنفض غبار النسيان والإهمال عن موارد وثروات طبيعية أبعدت عن كل مشاريع التنمية الاقتصادية لعقود من الزمن و لهذا فإن بلادنا اليوم أمام تحديات كثيرة ورهانات كبيرة تستهدف في المقام الأول إخراج الاقتصاد من دائرة الأزمة ،و من أجل ذلك تم التوجه نحو تنويع الاقتصاد الوطني،و تشجيع التصدير خارج قطاع المحروقات للتخفيف من تبعية اقتصادنا المطلقة لصادرات و عائدات البترول و هو التحدي الذي يستلزم حتما الاهتمام و النهوض بقطاعات إنتاج كثيرة تتصدرها الفلاحة والصناعة بكل فروعها ،و يتمثل التحدي الثاني في تقليص فاتورة الواردات التي تلتهم مبالغ جد كبيرة من خزينة الدولة و ذلك بتشجيع الإنتاج الوطني و الصناعات المتاحة في بلادنا لتفادي اللجوء إلى استيراد كل ما يمكن توفيره في الجزائر و تحقيق ترشيد النفقات على جميع المستويات و في كل القطاعات الاقتصادية منها والإدارات و مختلف مؤسسات الدولة من مدارس وهياكل صحية وغيرها من قطاعات الخدمات ،و يبقى الهدف الأسمى من هذه الإجراءات هو تقويم الاقتصاد و توفير حاجيات المواطن و تحسين نوعية الخدمات الموجهة إليه ،و إن تطلب هذا التقويم لمسار الاقتصاد ومشاريع التنمية المختلفة اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بتطهير الاقتصاد و محاربة الفساد الذي يستنزف المال العام باعتماد شفافية أكبر في التسيير تمر عبر الرقمنة و هو الرهان الذي تبنته الجزائر الجديدة للإفلات من قبضة سوء التسيير و الفساد المالي والإداري من تضخيم للفواتير و بيروقراطية في التعامل مع المتعاملين الاقتصاديين ،فإنه بالمقابل هناك إجراءا تلوح في أفق محاولات الخروج من أزمة الاقتصاد الخانقة فيما يتعلق برفع الدعم عن بعض المواد الأساسية و حماية القدرة الشرائية للمواطن ما دام الارتفاع المفاجئ في الأسعار يؤرق المواطنين و ينعكس سلبا على ميزانيته علما أن الجزائري قد تعود مع الأسف الشديد على الموجات المتكررة والمتتابعة لارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية و هو لا يملك إلا أن يقبلها على مضض لأنه لا مهرب منها و لكن في خضم كل هذه المعطيات يبقى الأمل قائما و كبيرا في ظل توفر الإرادة السياسية للدولة و مبادرات الإصلاح والتقويم الجارية على قدم وساق ونحن نعلم جيدا مدى ثقل تركة سوء التسيير الاقتصادية التي خلفتها عشريتان من الفساد في التسيير الذي طال كل القطاعات دون استثناء يذكر ،و من أجل هذا كله فإن التعافي من أعراض تلك الأزمة يستوجب الانتظار والتضحية خاصة في غمرة الظرف الصحي الخاص الذي تعيشه بلادنا وهو جائحة فيروس كوفيد 19 و مواجهة ورفع كل التحديات و إن كانت الفئات الهشة من المجتمع لا تزال تعاني ،و الجبهة الاجتماعية واقعة تحت ضغط الجائحة والأزمة الاقتصادية.