يعد الزواج المختلط من الزيجات التي اصبحت ظاهرة عادية في مجتمعنا على غرار باقي شعوب العالم و ذلك نظرا للانفتاح و التقارب وسهولة التواصل عبر مواقع الانترنيت فأصبح حتى الزواج بين شخصين من بيئتين مختلفتين متاحا. وللتعرف على الظاهرة من المنظور الاجتماعي يقول الاستاذ عمر درقاوي المختص في علم الاجتماع بجامعة وهران أنه في كل مرة يرد فيها الكلام عن الزواج وعن الاسرة إلا و يترافق ذلك مع المقاييس التي تعتمد في اختيار الزوج والشريك المناسب من ذكر وأنثى. هذه المقاييس ليست اشتراطات بقدر ما هي نمط من التوافق الفكري والاجتماعي الذي يعكس تطور بنية المجتمع المتحكمة فيه بطبيعة الحال مجموعة من المتغيرات الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، وحتى التشريعية والقانونية. ومن الناحية السوسيولوجية من المؤكد أن المجتمع الجزائري قد شهد تطورات نوعية مست البنى الثقافية والفكرية للأفراد والجماعات خاصة في المراكز الحضرية و المدن الكبرى، حيث بات الزواج بالنسبة للكثير من الشباب أمرا مؤجلا أو تم غض الطرف عنه بسبب جملة من الاكراهات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي بات العزوف أو التأخر في الاقبال على الزواج ظاهرة وجب الوقوف على مسارها التصاعدي المنحنى . ليضيف لنا الأستاذ أنه في العشريتين السابقيتين وقياسا على الكثير من الدراسات السوسيولوجية ظهر نوع آخر من الزواج، ألا وهو الزواج الخارجي أي الارتباط بالأجانب، توجه تزامن مع موجات الهجرة التي أقبل عليها عدد كبير من الشباب الجزائري نحو الضفة الاوروبية بالتحديد؛ فأضحى ارتباط الشاب الجزائري من أجنبية حلما يراود كل شاب قياسا لمخيال وتصور جماعي أجمع على أن التكاليف المادية للارتباط بأجنبية أقل مع توافر معايير الجمال المطلوبة. ومن ناحية المعطى الجنوسي فإن زواج الذكور بأوروبية يعرف نوعا من الترحيب والمباركة، عكس زواج الأنثى من أجنبي الذي يعتبر مجتمعيا تمردا على القيم والتقاليد والدين ومنه يعرف هذا النوع من الارتباط رفضا ومعارضة. ليؤكد لنا أنه في نفس الصدد كثرت قصص ارتباط شباب جزائريين بأجنبيات، وبنفس الصدد اشارت احصائيات مراكز دراسة اجتماعي بريطاني على أن ما نسبته 80 بالمئة من علاقات الزواج التي ربطت الشباب العربي بأوروبيات قد باءت بالفشل والانفصال بعد مدة وجيزة من الارتباط. فالزواج المختلط يقول الأستاذ درقاوي بدايته علاقة عاطفية ودوافع اقتصادية أو هروب من الواقع، ونهايته خلاف وصراع وانفصال نظرا لوجود اختلاف في اللغة والدين والعادات والتقاليد وفي الغالب تكون النهاية بين أروقة المحاكم وتسحب الحضانة من الزواج ويبقى الأطفال الناتجون عن هذا الزواج المختلط يعانون تبعات نفسية واجتماعية قاسية وحادة نتيجة هذا الانفصال. عكس هذه الارقام نجد أن زواج جزائريين من عرب شهد نجاحا قياسا كذلك بمجموعة من العوامل المشتركة من أبرزها المؤشرات الثقافية كالدين واللغة . والزواج الخارجي في العموم يقول نفس المتحدث هو تجربة ذاتية تختلف من شخص لآخر، ونجاحه بطبيعة الحال سيكون بمثابة تلاقح ثقافي واجتماعي بين طرفين من بيئتين مختلفتين؛ ما يساهم في عمليات الاندماج الثقافي والإنساني البناء.