يعتبر التعدي على الأصول من الظواهر الدخيلة على المجتمع الجزائري لكنها للأسف الشديد حقيقة وواقع نلمسه كل يوم، من خلال ما تطالعنا به قصص من الواقع يصادفها بعضنا في طريقه، أو من خلال ما تبثه بعض وسائل الإعلام الثقيلة من مختلف القنوات التي تستضيف حالات تدمي القلوب لأولياء وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها دون مأوى وفي أحسن الحالات بين أقرانهم في دور مسنين. بيوت لم نكن نسمع عنها في غابر السنين فما الذي استجد علينا وجعل الدول في مجتمعاتنا الإسلامية تضطر لفتح «ديار للعجزة» وأخرى «للرحمة»، رأفة بهؤلاء حتى لا يجدوا أنفسهم بدون مأوى بعد أن تخلى عنهم أقرب الناس إليهم. ملف الحوادث لهذا الأسبوع نحاول من خلاله تسليط الضوء على هذه الظاهرة المشينة التي تزداد حدتها بمرور الوقت، خاصة عندما تصل درجة العقوق إلى حد التعدي على من حملتهم وهنا على وهن، أو على من تكبد مشاق الحياة ليربي ويصرف من ماله الخاص على من سيعقه ذات يوم. فإذا كان موقف الدين صريحا من هذه التصرفات التي يعرف عواقبها الصغير والكبير في المجتمع، وتقرها كل الديانات السماوية ويؤكد عليها الإسلام بسماحته، فإن المشرع الجزائري لم يدخر جهدا في التشديد على معاقبة من تسول له نفسه الإعتداء على والديه، أو يتجرأ عليهم باللفظ، علما أن القضاء كثيرا ما يجد نفسه في حرج كبير أمام تنازل بعض الأولياء عن الشكوى والصفح عن فلذاتهم أمام القاضي، خوف عليهم من الزج بهم في غياهب السجون، التي وصل إليها الكثير من هؤلاء. كما أن الأخصائيون الإجتماعيون يفسرون الظاهرة بأنها تعود إلى سوء التنشئة الإجتماعية من جهة والى تدهور العلاقات بين الأفراد داخل العائلة الواحدة من جهة أخرى، وهو ما يدعو إلى تضافر الجهود وإيجاد حل سريع لمثل هذه التصرفات التي لم يكن يعرفها المجتمع الغربي بصفة عامة والجزائري بصفة خاصة، نظرا للرابطة الأسرية التي عرفت نوعا من التفكك في السنوات الأخيرة.