- وزارة البيئة بذلت جهودا جبارة للمحافظة على المناطق الرطبة - الموافقة أخيرا على إنجاز محطة لتصفية المياه بوادي تليلات مباشرة بعد تلقينا بلاغا، من قبل إحدى الجمعيات البيئية الفاعلة بولاية وهران، يفيد بوجود كارثة إيكولوجية، تتعلق بنفوق المئات من سمك «الشبوط الملكي»، ببحيرة أم غلاز بوادي تليلات، تنقلت فرقتنا الصحفية أمس الجمعة إلى عين المكان، للوقوف على حجم الكارثة البيئية، وتبليغ الجهات الوصية بضرورة التدخل في أسرع وقت ممكن، لوضع حد للحادثة التي اهتز لها الرأي العام المحلي، وحركت حتى الجمعيات البيئية، التي تجندت لمواجهة هذا الوضع الإيكولوجي الخطير. كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحا، عندما وصلنا إلى بحيرة أم غلاز بوادي تليلات، تفاجأنا بالرائحة الكريهة المنبعثة من البحيرة، وبعشرات الغربان وهي تحلق في السماء، وكأنها تنذر بحدوث يوم مشؤوم.. يوم شهد نفوق أسماك نادرة وذات منفعة لصحة الإنسان، حيث أكد لنا أحد المواطنين الذين وجدناه بعين المكان شارد الذهن، متحسرا على فظاعة المشهد، بأن هذه الأسماك التي تعالج مرض السكري، كان من المفروض الاهتمام بها والحفاظ عليها، مضيفا بأن هذه الكارثة، التي وقعت أول أمس الخميس، هي الثالثة من نوعها في ظرف سنة ونصف فقط !!، وقد حدثت بسبب التلوث البيئي الناجم، عن التدفق العشوائي اليومي، لمياه الصرف الصحي للمجمعات السكنية الجديدة بوادي تليلات والمياه غير المعالجة للمصانع، مبرزا في نفس السياق، أن الوضع بات لا يطاق لاسيما وأن البحيرة معروفة عالميا، وتحتوي على أكثر من 175 نوعا من الأسماك ومختلف الكائنات البحرية النادرة، وأنه حان الوقت لطي صفحة هذا الملف الشائك، الذي أسال الكثير من البحر في مختلف وسائل الإعلام والجمعيات البيئية، التي دقت ناقوس الخطر، وطالبت بحل هذه المعضلة، التي باتت تهدد إحدى أهم المناطق الرطبة في الولاية.. مشاهد صادمة ومأساوية كم كان المنظر صادما ومأساويا، ونحن نشاهد عشرات الأسماك النافقة، على حواف البحيرة، وتحلل الكثير منها بسبب ارتفاع درجة الحرارة، فيما كانت أسماك أخرى غير بعيد، تحتضر وتنتظر موعد نفوقها.. كانت مياه البحيرة ذات لون أخضر داكن، وتنبعث منها روائح كريهة ومقززة، مع تواجد العديد من أكياس البلاستيك والقارورات المائية وعجلات السيارات المرمية بطريقة عشوائية، على طول شريط البحيرة، وحسبما أكده لنا ذلك المواطن الذي رافقنا طيلة جولتنا الاستطلاعية، باعتباره ابن المنطقة ويعرفها جيدا، فإن هذه المشكلة قديمة وتعود لعدة سنوات، وقد تسببت لحد الآن في نفوق المئات من سمك «الشبوط الملكي» ومختلف الكائنات البحرية النادرة، كاشفا لنا أن البحيرة كانت في وقت سابق تستقبل المئات من أصناف الطيور على غرار : النحام الوردي واللقلق والسنونو القادمة من بلدان بعيدة، بل وموقعا سياحيا شهيرا في سنوات الثمانينات يجذب العديد من الزوار، من داخل الوطن وخارجه، وموقعا مفضلا لهواة عالم الصيد، وحتى لممارسي رياضة التجديف والكانوي كاياك، الذين كانوا يخوضون تدريباتهم وتربصاتهم في هذا المكان، داعيا في حديثه معنا إلى إعادة تثمين الموقع والاهتمام به، حتى يتحول إلى قطب سياحي تتوفر فيه جميع أسباب الراحة والاستجمام. لاسيما وأن السلطات العليا في البلاد وعلى رأسهم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، قد شدد في العديد من المرات، على ضرورة وضع خطة مستعجلة لوقف درجة التلوث في المعالم الأثرية والسياحية، وتحسين شبكة مياه الصرف الصحي، والاهتمام بالمحيط البيئي والتنسيق مع المجتمع المدني وتشجيعه لاستعادة الصورة الجمالية لمدننا وغرس ثقافة البيئة في الناشئة بالمدارس، باعتبار أن التحدي اليوم له طابع تربوي وحضاري بالأساس. المجتمع المدني يتحرك وفي سياق متصل طالبت العديد من الجمعيات الفاعلة بالولاية على غرار : جمعية شفيع الله لتربية الطيور وحماية البيئة، والمنظمة الجزائرية لحماية المستهلك ومحيطه، شبكة المواطنة البيئية والجمعية الشبانية للتبادل السياحي، طالبت بتدخل الجهات الوصية، لحل هذه المعضلة المهددة للوضع البيئي، موضحين بأن السبب الرئيسي في نفوق أسماك هذه البحيرة، راجع إلى التدفق الكبير والعشوائي لمياه الصرف الصحي للمنازل والمياه غير المعالجة للمصانع، المتواجدة بالقرب من المنطقة، حيث تصب مباشرة في عرض البحيرة. مؤكدين أن الحادثة ليست الأولى من نوعها، وسبق وأن تسببت في نفوق المئات من سمك «الشبوط الملكي»، وأنه حان الوقت للإسراع في تشييد محطة معالجة المياه القذرة لحل هذا المشكل جذريا وبصفة نهائية وعلى صعيد متصل، أكدت السيدة منصوري عائشة المكلفة بالإعلام بمديرية البيئة، مساء أمس الجمعة، في اتصال هاتفي مع «الجمهورية»، أن سبب نفوق أسماك الشبوط راجع إلى ارتفاع درجة الحرارة ما يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه ونقص الأوكسجين في الماء، مضيفة أن مديرية البيئة قامت بعدة تحقيقات في هذا الشأن حيث تم في أوقات سابقة أخذ عينات من مياه البحيرة قصد إجراء التحاليل «الفيزيوكيميائية» و«الميكروبيولوجية» ومقارنتها بنتائج التحاليل السابقة، كما أن عدم السماح بممارسة الصيد على مستوى البحيرة أدى إلى ارتفاع عدد الأسماك وتكاثرها، ما أخلّ بتوازنها الإيكولوجي، فضلا عن النمو الكثيف للطحالب المائية التي أدت إلى إفراز بكتيريا سامة مضرة بالسمك حيث تعتبر الطحالب ثاني غذاء بعض البعوض لسمك الشبوط .. انفراج الأزمة يلوح في الأفق ولأن الوضع بات لا يحتمل وبات يهدد المحيط البيئي في الولاية، وبسبب التحرك والتجند الدائم لوسائل الإعلام والجمعيات البيئية، وافقت وزارة الري والموارد المائية في الآونة الأخيرة، على إنجاز محطة تصفية المياه ببلدية وادي التليلات، بهدف التجسيد الفعلي لحماية المناطق الرطبة، خاصة ما تعلق بمنطقتي أم غلاز وتيلامين المصنفتين منذ عام 2006، حسب اتفاقية «رمسار» الدولية. محطة التصفية التي سيتم إنجازها بالمنطقة، ستكون تحت الإشراف المباشر لمديرية الري والموارد المائية، التي ستعمل على تحويل كافة المياه المستعملة عبر قنوات، بهدف تنقية فعلية لهاتين المحميتين اللتين لهما فائدة كبيرة على النظام البيئي في المنطقة، خاصة أن عدد وحجم المحميات الرطبة بالولاية في تناقص كبير، وهو ما من شأنه التأثير على الكثير من الكائنات الحية، التي لم يعد لها وجود، من جهة، كما أن الأمر ساهم في انتشار الكثير من الأمراض التي يتعرض لها الإنسان، ويصعب معالجتها. يذكر أن هاتين المنطقتين الرطبتين من أهم المناطق الموجودة بالولاية، نظرا لموقعهما الإستراتيجي والهام، غير أن يد الإنسان وقيام العديد من المواطنين بالرمي العشوائي للنفايات، جعل منهما مكانين غير لائقين، الأمر الذي أدى بالعديد من الجمعيات، إلى دق ناقوس الخطر، ومراسلة السلطات من أجل اتخاذ القرارات المناسبة لحمايتهما، وهو ما جعل المنتخبين إلى التحرك ومراسلة المصالح الولائية، من أجل إيجاد حل نهائي لهذه المشكلة البيئية، على غرار ما تم التعامل به مع ولايتي معسكر وسيدي بلعباس. مع العلم أن إنجاز محطة التصفية بوادي تليلات أصبح ضروريا، لتنقية البحيرتين من النفايات الكثيرة العالقة بها، جراء الرمي العشوائي واليومي للنفايات التي تصب كلها بالبحيرة التي ستستعيد لامحالة بريقها بعد تشغيل محطة التصفية .