تنتظر الحكومة الجديدة عديد الرهانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ستعمل على تجسيدها خاصة أنها تعتبر الحكومة الأولى المنصبة بعد تعديل الدستور وبعد استحقاقات تشريعية غيّرت من الخريطة السياسية في الجزائر وأفرزت مجلسا شعبيا وطنيا ستنزل عليه عديد القوانين العضوية التي سيقوم بمناقشتها والمصادقة عليها بما يخدم الصالح العام. من يعتقد أن الحكومة الجديدة ستضم شخصيات حزبية أو تكنوقراطية أو من كتلة المستقلين فهو يسير عكس التيار، باعتبار أن الأولوية ستكون في المرحلة المقبلة للكفاءات التي ستسير بالسرعة القصوى، بالنظر إلى الورشات الكثيرة التي لم تغلق بعد والورشات الأخرى التي ينتظر فتحها للمرور إلى مرحلة جديدة ترسم معالم القطيعة مع كل المراحل السابقة وهذا ما يتطلّع إليه الشعب إن على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي. وستكون الحكومة الجديدة بأولويات اقتصادية بالنظر للظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به الجزائر، وأوّل تحدي يكمن في إعادة بعث مخطط الإنعاش الاقتصادي والبحث عن أسواق جديدة وخلق الثروة بعيدا عن سياسة الريع التي كبّدت الجزائر خسائر كبيرة خاصة في ظل الوضعية الوبائية التي تعيشها البلاد على غرار عديد الدول عبر العالم وارتداداتها على مختلف القطاعات الاقتصادية. وكان الوزير الأوّل السابق عبد العزيز جراد قد أعلن في مخطّط عمل حكومته عن مخطط الإنعاش الاقتصادي 2020-2024، وهي الخطة الاقتصادية التي شرع في تنفيذها العام الماضي، وتستمر لمدة 4 سنوات، ولعلّ أبرز ما قاله عبد العزيز جراد في هذه الوثيقة «إن تراكمات الماضي وتحديات الحاضر والمستقبل تتطلب منا الخروج من هذه الوضعية، بالشروع الفوري في تنفيذ المخطط الطموح للإنعاش الاقتصادي، وفق برنامج رئيس الجمهورية». وهو ما سيعمل على تجسيده الوزير الأوّل الجديد، أيمن بن عبد الرحمان الذي عيّنه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، وكلّفه بمواصلة المشاورات السياسية لتعيين أعضاء الحكومة، وهو كذلك ما يبرز التوجّه الاقتصادي الذي سيسير عليه الطاقم الحكومي الجديد من خلال رفع تحدي مواصلة الإصلاحات الاقتصادية إن على المستوى المحلي كالسوق المالي وتحسين مناخ الأعمال أو على المستوى الدولي من خلال البحث عن أسواق جديدة لتسويق المنتوج المحلي وغزو الأسواق الدولية في ظل تراجع أسعار النفط إضافة إلى تواصل جائحة كورونا، وتوجه الجزائر نحو خلق اقتصاد متنوع بديل للمحروقات في إطار خطة الإنعاش الاقتصادي الممتدة وفق جدول زمني قائم على مراحل. * تحسين مناخ الأعمال كما ستعمل الحكومة الجديدة على مواصلة معركتها الحقيقية والتي تكمن في استرجاع وتعزيز الثقة بين الشعب وحكامه وبين المواطنين ومؤسسات الدولة، بعد الخطوات الأولى التي برزت خلال الاستفتاء على الدستور والانتخابات التشريعية الماضية والتي جسّدت الإرادة الشعبية في اختيار ممثلي الشعب في الغرفة السفلى للبرلمان، هذه الثقة التي ستتعزّز لا محالة مع تنصيب البرلمان وبداية العمل التشريعي. وسيكون للحكومة الجديدة عمل أكبر على الجبهة الإجتماعية من خلال مسح الفوارق الاجتماعية بين الجزائريين في كنف نظام ديمقراطي يكرس استقلال العدالة و يضمن شرعية المؤسسات» وذلك في مسعى لتطهير الإرث «الكارثي» الذي توارثته حكومة عبد العزيز جراد على الحكومات السابقة من خلال بعث ممارسات جديدة تهيئ الطريق السلس لبلوغ التغيير السياسي والاقتصادي المنشود الذي يتطلع إليه الشعب الجزائري، وهو ما يدخل في إطار الحركية الشاملة والتي تتبلور في العقد الجديد الذي تجسده ثلاثية التنمية البشرية والانتقال الطاقوي واقتصاد المعرفة والرقمنة.