الغش تحول عندنا إلى ظاهرة عامة بانتشاره في كل القطاعات وممارسته على مستوى واسع من الامتحانات المدرسية إلى البحوث العلمية وفي التجارة والصناعة والخدمات والبناء والأشغال العمومية والري ونتائجه وانعكاساته السلبية خطيرة على صحتنا واقتصادنا ومعيشتنا وحياتنا بصفة عامة وهو سلوك سيء ومشين مرفوض أخلاقيا وحضاريا ومحرم في الشريعة الإسلامية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ((من غشنا فليس منا)) والذي أمرنا بالصدق في القول والعمل وحفظ الأمانة فقال ((إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه)) وقد تقدم المسلمون وسادوا العالم وكانوا قدوة وقادة للبشرية يوم التزموا بمبادئ الإسلام وقيمه السامية فتقدموا في مختلف المجالات وصاروا مضرب المثل لكنهم إرتدوا على أعقابهم فأضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات. إن طموحنا إلى بناء الجزائر الجديدة يتطلب منا الالتزام بالنزاهة والأداء الجيد والابتعاد عن الغش والتدليس والنصب والاحتيال لنكسب ونتخلص من كل مظاهر الفساد الذي أساء إلى بلادنا والحق بنا أضرارا كبيرة جدا ومن ذلك سوء المعاملات التي أضرت باقتصادنا من تهريب للعملة الصعبة وتضخيم للفواتير واستيراد للبضائع الرخيصة و المقلدة والفاسدة أيضا حيث مازلنا نكتشف تلك الأعمال القبيحة حتى الآن رغم التحولات التي عرفتها بلادنا بفعل الحراك الوطني الأصيل والحملة المستمرة ضد الفساد ورموزه ومن ذلك اكتشاف جثة خنزير في حمولة للقمح المستورد واكتشاف كمية من الإسمنت الأبيض وسط مسحوق الحليب من قبل مصالح المراقبة التي يجب تدعيمها بكل الوسائل المادية وتوسيع صلاحياتها لقمع الغش وحماية أعوان مصالح المراقبة من الضغوط والتهديدات وتشجيعهم على العمل والنشاط . لقد استغول الفساد في أرضنا وعلينا مواجهته بكل قوة وعزيمة إذا أردنا أن نعيد للجزائر مكانتها وسمعتها وأن نبني اقتصادنا على قواعد ثابتة وواضحة فنحارب كل أنواع الفساد والغش فنقضي على الوسطاء والمتطفلين والسماسرة والمضاربين بتشديد مراقبة النوعية وبمراجعة قانون الأسعار ووضع شروط واضحة لتسعير البضائع والخدمات بدل أن نترك السوق في أيدي أشخاص نفوسهم مملوءة بالجشع والطمع والبحث عن الثراء الفاحش والسريع على حساب أغلبية المواطنين ولابد من توسيع أعمال المراقبة إلى المصانع والحقول والمخازن والموانئ الجافة والموانئ أيضا لقمع المخالفين وسيكون ذلك في فائدة الاقتصاد الوطني والوطن بصفة عامة.