تراجع أرقام الإصابات بفيروس كورونا في بلادنا ليس مؤشرا لعودة الحياة إلى طبيعتها، كما أن انتهاء عمر الموجة الثالثة لا يعني انتهاء الوباء، ولعل ما مرّ بنا خلال الشهرين الأخيرين كافٍ لتعلم الدرس وتحريك ثقافة الوعي في مجتمع لم يكن يُصدّق ما يجري في العالم بسبب حرب الشائعات، ولكن سرعان ما استفاق بعد الضربة القوية للفيروسات المتحورة وما رافقها من أزمة أكسجين دخلت كل البيوت الجزائرية وتركت أثرا لا يمكن أن يُنسى وأكثر من ذلك تسبب في صدمات نفسية يصعب علاجها مع الوقت بسبب فقدان أفراد من العائلة نالت منهم «دالتا» وسرقت أرواحهم في ظرف وجيز. إذا أردنا النجاة من شبح الوباء الذي يطارد الأرواح منذ فبراير 2020 فما علينا إلا العمل على إنجاح معركة الوعي التي بدأت بالوقاية التي فرضتها الدولة من خلال تشديد تدابير الحجر الصحي ونواصلها اليوم بسلاح أكثر قوة وهو التلقيح الذي يعد لحد الساعة السبيل الوحيد للخروج من دائرة الوباء إلى بر الأمان، مع ضمان المناعة الجماعية وحدها التي تكبح جماح الفيروس القاتل وتقطع سلسلة انتشار العدوى وتقلل من نسبة الإصابات.. ولعل أهم ما يمكن التوقف عنده هو قرار فتح الشواطئ اليوم، مع تمديد توقيت الحجر المنزلي من السادسة صباحا إلى غاية العاشرة ليلا، ولنا تخيل وضع المواطن الجزائري الذي بدأ يحزم أمتعته ويعد العدة لعطلة شاطئية كانت حلمه طيلة الأزمة الصحية الخانقة..نعم، ذلك لا يمنع ما دام القرار جاء بعد تشاور مع اللجنة العلمية..ولكن على العودة أن تكون بحذر ووعي أكبر لأن الخطر ليس ببعيد وقد يتسبب الاستهتار بقواعد السلامة في تفجير موجة أخرى وأزمات أخرى نحن في غنى عنها، لذلك فإن الوضعية الوبائية في بلادنا تتطلب التسلح بالوعي أولا وبإجراءات الوقاية المعلومة ثانيا والأهم هو الإسراع في التطعيم قبل التوجه إلى الشواطئ..الاستمتاع بالعطلة جميل والأجمل هو أخذ الحيطة والتمسك بالشروط الصحية والالتزام بمسافة الأمان وارتداء القناع الواقي وتعقيم الأيدي... ولتكن تلك سلوكاتنا اليومية حيثما كنا. ولنعلم أن الفرد إذا لم يكن خائفا على نفسه وعلى محيطه وأهله عليه أن يعلم أن هناك جيش رحل عدد كبير من جنوده بسبب الفيروس، ونفذت قوى من تبقى بساحة الحرب، بالمستشفيات، هم بحاجة إلى الراحة والنوم لبضع ساعات، وبحاجة إلى عطلة أيضا والاستمتاع بها مع عائلاتهم، نحن بحاجة إلى الأمل نعم ..ولكن ذلك لن يكون إلا بتضافر الجهود وتحمل المسؤولية الفردية، والإحساس بوجع من فقد عزيزا وقريبا بسبب لحظة تغافل كلّفت حياة.