الوحدة أساس صمود هذا الوطن..وحدة قاومت عواصف الفتن، في السراء والمحن، فصنعت مجدها، وأرّخت لمواقف وبطولات بدأت من الثورات الشعبية إلى ثورة نوفمبر، وتعدتها إلى سنوات الجمر والصبر، ثم عشرينية الفساد التي أنهاها الشعب الأبي موحدا تحت راية الوطن، وبفضل وحدته داع صيته، وكانت ثورته الحديثة نموذج الثورات العربية، ثورة سلمية راقية، خرجت عن مخططات الربيع العربي التي كانت الجزائر ضمن أجنداتها لولا الوعي والوحدة، وتحققت مطالب الشعب الجزائري ليمر وبسلام إلى بر الأمان لإرسال قواعد جمهورية جديدة. تلك الوحدة التي زادت قوة في زمن الوباء وحرائق الغابات فلم تُفرق ظواهر الطبيعة سواعد الخير المتمسكة بمبادئ الإنسانية والوطنية، وفي كل زمان ومكان كانت وحدتنا ولا تزال الركن الذي يغيض أعداء الجزائر من بعيد أو قريب، تلك الورقة الخاسرة التي يلعب عليها المطبعون لكسر شوكة هذا الشعب الثائر الذي يعي منذ سنة 1830 أنه موضوع المؤامرة الكبرى لتفريقه وتجزئته وتشتيت وحدته، وتقسيم أرضه، وذلك ما زاده على مر التاريخ إصرارا على أن يكون رجلا واحدا في السراء والضراء، فلطالما كنا لبعضنا السند، نمسح دموع بعضنا، نحزن معا ونفرح لفرح بعضنا، ونهم للتضامن مع بعضنا في الأوقات العصيبة، لا تفرقنا لغة ولا عرق ولا انتماء، تلك شيم الوطنية فينا، وتلك هي وحدتنا من أقصى الشرق لأقصى الغرب، ومن أقصى الشمال لأقصى الجنوب، ومهما كانت النقائص والمشاكل بيننا، تبقى بيننا، ونبقى يدا واحدة تحت سماء الوطن. وطني يا سادة تلخصه الإلياذة..وفيه الشعب منذ الولادة..عبقري، ثائر حتى الشهادة، أبي يأبى أن يعيش مطأطأ الرأس، شعبنا يا سادة شامخ مثل الوطن، عزيز لا يُذل، فلو قرأتم تاريخه لعرفتهم أن في عروقه تجري دماء الشهداء، وعصور من الوفاء، فشعب يؤمن بالوطن حدَّ الثمالة..شعب لا يموت حتى لو قتل وحرّق وعُذّب، لأن الجمال فينا لا ينتهي...فجميلاتنا بالأمس صنعن مجد النضال لتلدن اليوم وكل يوم جمالا بنفس الروح ونفس الإصرار ونفس العزة..ومن قرأ التاريخ يدرك لا محالة أن الجزائر لن تتجزأ وشعبها لن يُفَرّق.