يتساءل الكثيرون عن دور مخابر البحث العلمي بقطاع التعليم العالي وعن القيمة المضافة التي تفيد بها المجتمع فعدد الباحثين بجامعاتنا معتبر ومثله من المخابر المفتوحة في شتى الاختصاصات المؤهلة والقادرة على تقديم حلول لمشاكل الاقتصاد والتعليم والزراعة والسياحة والصحة و نعتقد بأن كل تلك الأبحاث والعقول التي تقف وراءها لا طائل منها و كأننا نعلم علم اليقين بأن الدراسات و المذكرات التي تُصدرها الجامعة مجرد أبحاث بسيطة لا اجتهاد فيها ،إعادة تركيب لأفكار قديمة بنهج مختلف فقط أو تكاد تكون مستنسخة وصورة طبق الأصل عن أعمال سابقة ورائدة . هذه النظرة صارت لصيقة بالجامعة الجزائرية، حكم قاس صدر ضدها غيابيا بتهمة السرقة العلمية دون التأكد من صحة الأقوال والأفعال و معاينة هذه المخابر والتفاعل مع أصحابها للخروج بحكم عادل وقناعة. إن بلادنا تستثمر أموالا طائلة جدّا لتعليم أبنائنا فالتعليم حق مكفول دستوريا ومجاني لمن أحسن استغلاله و الإحصائيات تقول بأن نسبة متوسطة من تلاميذ الطور الابتدائي ينجحون في امتحان البكالوريا و أقل منها في اختصاصات علمية وتقنية وحتى إنسانية بالجامعة تكون مطلوبة في عالم الشغل، ثم تنخفض هذه النسبة أكثر فأكثر كلما صعدنا في مناصب التدرج وفي نهاية المشوار الدراسي ينجح طالب واحد أو اثنان على الأكثر في امتحان الدكتوراه في كل تخصص و قليلة جدّا أعداد المتفوقين ممن يمتازون عن غيرهم بالصبر و المثابرة و النفس الطويل لإنجاز البحث العلمي أمام كل الصعاب و العراقيل التي توضع خصيصا لمنع النجباء من الوصول إلى أعلى لأخذ المشعل من السابقين، فهم بذلك سيزاحمونهم في مناصبهم و احتكارهم لها و مع ذلك يتخطى النجباء الصعاب و يتفوقون و يثبتون بأنهم نخبة المجتمع ،و لأن طموحهم العلمي أكبر سيحاولون الاجتهاد أكثر في مجال البحث لتطوير أفكار جديدة و تقنيات حديثة يمكن استغلالها لحل مشاكل مجتمعهم و بأقل التكاليف ،أبحاث جادة فعلا و قابلة للتجسيد و نسب النجاح فيها مضمونة طورتها عقول مفكرة ومبدعة، هي اليوم تُعدّ بالآلاف تملأ المكتبات الجامعية وتنتظر صدور الحكم عن الإدارة المكلفة بتطوير البحث العلمي وتثمينه حتى تتمكن هذه الأعمال و العقول من دخول عالم الشغل، لكن في نهاية مشوار البحث تنظم هذه النخب لفئة البطالين الباحثين عن وظائف حتى تجد الدعم في بلدان أخرى أحسنت استغلالها. ونفخر نحن بالقول.. شركاتنا الكبرى تُبرم اتفاقيات مع الجامعة لدعمها في مشروع الانفتاح على المحيط الاجتماعي والاقتصادي والحقيقة لا يجتمعان !