منحت مؤسسة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش “جائزة محمود درويش للثقافة والإبداع” إلى المفكر الأميركي نعوم تشومسكي والشاعر والمترجم المغربي عبد اللطيف اللعبي والشاعر والباحث الفلسطيني زكريا محمد. أوضحت لجنة تحكيم الجائزة والمؤلفة من كلا الأستاذ الدكتور محمد برادة رئيسا، وعضوية الدكتور رياض كامل والدكتورة اعتدال عثمان والدكتور المنصف الوهايبي والدكتور إبراهيم أبو هشهش وإلياس فركوح والدكتورة عادلة العايدي، بأن تتويجها للمفكر العالمي نعوم تشومسكي للمرة الثالثة على التوالي باعتباره الأب لعلم اللسانيات الحديث وصاحب نظرية “النحو التوليدي”، واشتهر بشجاعته وعناده في الدفاع عن حرية الإنسان وكرامته في وجه الظلم والاستبداد، وعلى الأخص موقفه المناهض للاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، ومواقفه المبدئية التقدمّة، ضد الاستبداد والعنصرية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من رسالته الإنسانية العامة، بحسب بيان الجائزة، كما أنه حصل على العديد من الجوائز والأوسمة، وله أكثر من مئة كتاب حول اللغة ووسائل الإعلام والسياسة والحروب، من أهمها كتاب صدر عام 1966 بعنوان “مواضيع في نظرية القواعد التوليدية”، و”اللغة والعقل” عام 1968، وأصدر في عام 1969 أول كتاب سياسي بعنوان “سلطة أميركا والبيروقراطيون الجدد”، إضافة إلى كتبه “حياة منشق” و”الحادي عشر من سبتمبر” و”هيمنة الإعلام” و”القوة والإرهاب”، وغيرها الكثير. أما فيما يتعلق بالشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، الذي يقدم مساره صورة قوية عن حضور الشاعر داخل مجتمعه، وعن الشعر محاورا للآخر ومُسائلا باستمرار لذاته وتحولاتها في خضم عالمٍ يفتقر إلى السلام والأخوة، كما كان من أوائل من ترجموا للشاعر الكبير محمود درويش ولآخرين، وإلى جانب كتابة الشعر والرواية والتأملات، استطاع اللعبي أن يمد جسرا بين شعراء كتبوا بالعربية وجمهور محتمل يقرأ الفرنسية، فكان أول من ترجم لمحمود درويش، ثم لشعراء وشاعرات آخرين من فلسطين وأقطار عربية أخرى. أما الباحث الفلسطيني محمد زكريا جاء في البيان أنه يعد من أبرز الشعراء العرب المعاصرين، وصل بالنص الشعري، وبخاصة قصيدة النثر، إلى آفاق جديدة، وتحمل نصوصه الشعرية والنثرية بُعدا أنطولوجيا وجوديا فريدًا، يقع سؤال الموت والحياة في بؤرته الأساسية، ويمثل استعارته الكبرى، وهو أيضا أديبٌ شامل متعدد الاهتمامات بحسب بيان الجائزة، فهو روائي نشر روايتين هما “العين العمياء” و”عصا الراعي”، ومؤلف قصص أطفال مدهشة تكسر السائد وتعيد قراءة الموروث الشعبي من زاوية جديدة خلاقة، وكاتب مقالات فريدة، وباحث في اللغة والتراث والأسطورة، ورسام ونحات، وشخص شديد الانهماك في الشأن العام وبالغ الشجاعة في التعبير عن رأيه وموقفه، مثلما هو بالغ الشجاعة، في الوقت عينه، في إعادة النظر في رأيه الخاص نفسه إذا بدا له وجهٌ آخر جديد من الحقيقة. وقد منحت المؤسسة جائزة الشرف الخاصة للشاعر اللبناني شوقي بزيع الذي تُقدم تجربته نموذجا إبداعيا يتمتع بالفرادة والعمق، يتواءم فيها البناء الغنائي المحكم المعتمد على بنية إيقاعية صافية، والتركيب الحداثي للصورة والمشهديات المنفتحة على قضايا الراهن المَعيش، ولما تمثله هذه التجربة من انحياز شجاعٍ لهموم شعبه في لبنان وتطلعاته، وما عبرت عنه من التزامٍ عميق بنضال الشعب الفلسطيني كقيمةٍ وطنية وإنسانية وأخلاقية.