كل مؤشرات هياكل قطاع العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي بتيسمسيلت إيجابية    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    سوريا: اجتماع لمجلس الأمن حول الوضع في سوريا    شرفة يلتقي نظيره التونسي    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    عرقاب: نسعى إلى استغلال الأملاح..    عطاف يستقبل رئيس مجلس العموم الكندي    هذه حصيلة 200 يوم من محرقة غزّة    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و305 شهيدا    الرئيس يستقبل أربعة سفراء جدد    المولودية في النهائي    بطولة وطنية لنصف الماراطون    القضاء على إرهابي وتوقيف 66 تاجر مخدرات    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    مهرجان الجزائر الأوّل للرياضات يبدأ اليوم    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    ش.بلوزداد يتجاوز إ.الجزائر بركلات الترجيح ويرافق م.الجزائر إلى النهائي    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي "علامة مرموقة في المشهد الثقافي"    جهود مميزة للجزائر لوضع القضية الفلسطينية في مكانها الصحيح    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    مسرحية "المتّهم"..أحسن عرض متكامل    إتلاف 186 كلغ من اللحوم البيضاء الفاسدة    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي بالناحية العسكرية الثالثة    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الجزائر-تونس-ليبيا : التوقيع على اتفاقية إنشاء آلية تشاور لإدارة المياه الجوفية المشتركة    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    شبيبة سكيكدة تستعد لكتابة التاريخ أمام الزمالك المصري    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    29 جريا خلال 24 ساعة الأخيرة نتيجة للسرعة والتهور    عنابة: مفتشون من وزارة الري يتابعون وضع بالقطاع    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    تفعيل التعاون الجزائري الموريتاني في مجال العمل والعلاقات المهنية    "عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي تعكس الإرادة الجزائرية لبعث وتطوير السينما"    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    نصف نهائي كأس الجمهورية: اتحاد الجزائر – شباب بلوزداد ( اليوم سا 21.00 )    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بومرداس: رأس السنة الأمازيغية .. طقوس وعادات متجذرة تأبى الزوال
نشر في الحياة العربية يوم 09 - 01 - 2021

* "تراز" و"سبعة عشاوات" برأس جنات وبرج منايل وسيدي داود
* مأدبة ب"السردوك" و "تويزة" ببني عمران وشعبة العامر وتيمزريت
* "البغرير" و"المردود" و"الشواط" و"المسمن" و "العصيدة" تزين الموائد
تتميز الطقوس والعادات المرتبطة بإحياء رأس السنة الأمازيغية، التي نحيي ذكراها أل 2971، عبر ولاية بومرداس بثرائها وتنوع مضامينها ومقاومتها للاندثار والزوال بفعل عوامل الزمن والإنسان.
ولعل لهذا الثراء والتنوع من منطقة لأخرى عبر إقليم الولاية وغناه بالمعاني والقيم التي تمتن الأواصر الإجتماعية والأخوية والتضامنية، الفضل الأكبر في مقاومة البقاء وإستمرارية هذا التراث المادي واللامادي إلى اليوم.
وبفضل ذلك، أيضا، بقي جزء هام من هذا الموروث الثقافي راسخ في الأذهان والسلوكات من خلال الحرص على إحيائه وتناقله من جيل لآخر، بالرغم من متطلبات العصر الحديث المتميز باكتساح شبكة التواصل الإجتماعي لكل المواريث والقيم والعادات والإرتباطات الإجتماعية.
"..تراز" و"سبعة عشاوات" برأس جنات وبرج منايل وسيدي داود
وتتجلى أبرز المظاهر الإحتفالية بهذه المناسبة التاريخية، خاصة عبر الجهة الشرقية من الولاية لاسيما ببلديات رأس جنات وبرج منايل وسيدي داود، حسبما ذكره عدد من الساكنة، على غرار الحاجة قماز فطيمة (80 سنة) من منطقة "السخاري" ببلدية رأس جنات، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، بإقامة إكرامية أو وعدة "تراز" أو "تريزة".
حيث يقوم رب العائلة عشية رأس السنة الأمازيغية، تضيف الحاجة قماز — التي لا تزال تتذكر تفاصيل مثل هكذا عادات من خلال حرصها على إقامتها وتوصيلها لأجيال من عائلتها وجيرانها — بإقتناء من السوق المحلي كل أنواع الفواكه الجافة أو المكسرات كاللوز والجوز والبندق والبلوط وتقوم ربات البيوت بمزجها وخلطها.
وفي ليلة رأس السنة، تقول الحاجة قماز، يتم تنظيم تجمع في ساحات المنازل على الهواء ويستدعى إليها إلى جانب كل أفراد العائلة، الجيران والأقرباء وحتى ساكنة القرية المجاورين وتوزع عليهم هذه الإكراميات في جو من المرح والأفراح.
كما يحرص سكان الجهة الشرقية من الولاية في نفس هذا الإطار، خاصة العائلات الميسورة الحال، تبرز الحاجة قماز، على إحياء هذه المناسبة ونقلها من جيل لآخر من خلال إعداد لسهرة رأس هذه السنة، مأدبة عشاء مشهورة باسم "سبعة عشاوات" حيث يتم فيها إعداد سبعة أطباق مختلفة عن بعضها في المائدة الواحدة ويستدعى إليها الكبار والصغار والأقارب والجيران وغيرهم من أفراد القرية.
وتقوم ربات البيوت في الصباح المبكر من ذلك اليوم، إستنادا إلى الحاجة قماز، وبعد التزين بالحنة واللباس والحلي التقليدي، بإعداد هذه الأطباق التي يأتي على رأسها طبق الكسكسي (سكسو) بالمسفوف أو الزبيب أو الشرشم (طحن مادة القمح) مرفوقا بمرقة غنية بالخضروات ومزدان بالدجاج المطهي إلى جانب توزيع دجاجة مطهية بالكامل على كل فرد من أفراد العائلة ومن المدعوين.
والمغزى من طهي دجاجة لكل فرد من أفراد العائلة، توضح السيدة قماز، هو جلب الخير والبركة للعائلة على مدار السنة الجديدة خاصة وأن الفاتح من يناير مقرون بختام موسم الحرث والبذر وبداية الموسم الفلاحي الجديد الذي يأملون أن يكون جيدا من خلال تهاطل الأمطار.
..مأدبة ب"السردوك" و "تويزة" ببني عمران وشعبة العامر وتيمزريت
ومن العادات المشهورة بالمنطقة الشرقية من الولاية، خاصة عبر بلديات عمال وبني عمران وشعبة العامر وتيمزريت، حسب التوضيحات التي قدمها المتخصص في تراث المنطقة ورئيس "جمعية السواقي" المتخصصة في المجال، بلعباس رابح، حرص ربات البيوت المتوسطة الدخل في هذه المناسبة على إعداد مأدبة عشاء تقليدية معروفة بالمنطقة يكون أساسها لحم الديك (السردوك).
تتمثل الأطباق الأخرى التي تتزين بها الموائد في هذه المناسبة، يضيف السيد بلعباس، في كل من "البغرير" و"المردود" (البركوكس) و"الشواط" معهم "المسمن" و "العصيدة" بالسمن والدهان إضافة إلى الشرشم.
وفي ليلة رأس السنة يقوم الأطفال برفع الشموع كفأل عن سنة فلاحية مضيئة والقيام بحفلات من خلال الطبل ويمدحون ويغنون وكأنه عرس كبير. وتتجلى هذه المظاهر كذلك من خلال تحضير مجموعة أخرى من الأطباق التقليدية التي يكون أساسها الزيتون سواء لزينة المائدة أو مدمجة في الطهي مع أكلات مختلفة، مع الحرص على الطهي بزيت الزيتون إضافة إلى أطباق متنوعة من الحلويات المزينة بالعسل.
وتتميز هذه المنطقة من الولاية، إستنادا إلى السيد بلعباس رابح، بتنظيم فعالية "التويزة" حيث يتم جمع عدد من رؤوس البقر يتبرع بها محسنون تنحر بحضور كل أهالي القرية وتقطع إلى حصص وتوزع على الفقراء والمحتاجين من سكان القرية وخارجها.
ولا تزال من جهة أخرى، ربات البيوت بمناطق مختلفة من ربوع الولاية على الرغم من التحول الكبير الذي طرأ على المجتمع، تولي أهمية بالغة لتزيين الأيدي بالحناء في مثل هذه الأعياد والمناسبات حيث تسبقها إقبال كثيف منهن على شراء هذه المادة التزينية التقليدية مع حرص الكثير منهن على اختيار المنتج المحلي المعروف بجودته عن المستورد لتزيين نفسهن وبناتهن وخاصة المواليد الجدد إضافة إلى اقتناء ولبس ما يعرف ب"جبة القبائل".
ولا تقتصر مظاهر هذا اليوم على تلك التقاليد فقط بل تتعداه، استنادا إلى الباحث في علم الأثار بلعباس رابح، إلى أبعاد اجتماعية وتربوية أخرى يسري مفعولها على مدار أيام السنة وتتجلى أهمها في حرص أبناء هذه المناطق على المشاركة وإشراك كل أفراد العائلة بما فيهم الشباب والنساء الطاعنات في السن في حملة جني الزيتون حيث يتركون أشغالهم جانبا ومنهم من يأخذ عطلته السنوية من أجل التفرغ كليا لهذه المهمة العائلية النبيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.