كشف الخبير الأمني أحمد كروش الأسباب والأهداف الاستراتيجية لتكثيف الجيش الوطني الشعبي عملياته الاستباقية ضد معاقل فلول الإرهابيين. وأشار في تصريح لموقع "العين الإخبارية" إلى جملة الأهداف من وراء عودة الحرب على الإرهاب بشكل مكثف في الجزائر، أبرزها القضاء على فلول الجماعات الإرهابية، وشل تحركات فلول الجماعات الإرهابية للعودة للنشاط وقطع الطريق أمام تنظيم القاعدة الإرهابي لتنفيذ عمليات استعراضية. ورغم تأكيد بيانات وزارة الدفاع الجزائرية والخبراء الأمنيين على أن الإرهاب يلفظ أنفاسه في الجزائر، إلا أن تحرك الجيش في أكثر من منطقة لدك معاقل الإرهاب حمل في طياته تساؤلات عن "دلالات الخطاب الرسمي بوجود مخاطر عظيمة وبأنها مستهدفة" "وأي سيناريوهات تُحضر للجزائر" في المرحلة المقبلة دفعت قواتها المسلحة لاستباق الأحداث بعمليات عسكرية نوعية كشفت عن أسرار خطرة. وبدا واضحاً وفق الخبراء الأمنيين، بأن التصريحات القوية وغير المسبوقة الصادرة عن الرئاسة أو المؤسسة العسكرية في الأشهر الأخيرة وكثرة الاجتماعات الأمنية والعسكرية لكبار المسؤولين، توحي بوجود "حالة من الاستنفار القصوى" في الجزائر. استنفار ترجمته تصريحات وبيانات السلطات الجزائرية خصوصاً "التحذيرية والرادعة" منها على ما تعتبره "الأوضاع الخطرة المحيطة بالبلاد"، وحديثها في مناسبات عدة عن "وجود أطراف دولية تسعى لزعزعة استقرار البلاد ووضعها بين كفي كماشة التوترات الأمنية" التي باتت ما يشبه الأمر الواقع بكثير من الدول المحيطة بالجزائر على رأسها ليبيا ومالي. كما كان لافتاً حديث قائد الجيش الجزائري عن "القوة التي باتت تمتلكها القوات المسلحة"، وهو ما اعتبره الخبراء رسائل "لدول أكثر منها للتنظيمات الإرهابية الناشطة بالمنطقة". وحددت وزارة الدفاع بشكل غير مسبوق عبر مجلتها الشهرية "الجيش"، "نوعية الخطر" الذي يستهدف البلاد في 3 أطراف داخلية وخارجية، وصفتها ب"عناوين مشفرة" لخصتها في "التهديدات، أو مجرد النية بالتهديد، أو أي تحالفات ضد الجزائر". كما أكدت المؤسسة العسكرية الجزائرية بأن 2021 "سيكون عام القضاء على فلول الجماعات الإرهابية من البلاد". وخلال أول اجتماع للمجلس الأعلى للأمن خلال العام الجديد، دعا الرئيس عبد المجيد تبون، الجيش والحكومة ل"أخذ الحيطة والحذر" لتمكين البلاد من مواجهة تحديات 2021، خاصة مع التطورات الإقليمية المحيطة بالجزائر. ..عمليات عسكرية استباقية جدية التحذيرات الرسمية، تأكدت أكثر مع ظهور قائد أركان الجيش في مسرح العملية العسكرية الاستباقية بمرتفعات ولاية "تيبازة" القريبة من العاصمة في مشهد غير مألوف حتى خلال سنوات تغول الجماعات الإرهابية فترة تسعينيات القرن الماضي. ظهور عكس بحسب المراقبين أهمية ودقة العملية العسكرية وخطورة المجموعة الإرهابية المتمركزة قرب العاصمة، ورسالة مباشرة على تعامل الجيش مع خطر فلول الجماعات الإرهابية بالاستراتيجية ذاتها في تعاملها مع الخطر الإرهابي سنوات التسعينيات. وقاد الجيش عدة عمليات عسكرية استباقية بما يعرف ب"المعاقل التقليدية" للجماعات الإرهابية منذ فترة العشرية السوداء، والمعروفة في المناطق الجبلية الشمالية، والتي امتدت إلى المناطق الحدودية الجنوبية مع مالي والنيجر والشرقية مع ليبيا وتونس. ..أهداف وأسباب إستراتيجية وأكد الخبير الأمني أحمد كروش بأن "الجيش مصمم على اقتلاع جذور الإرهاب من البلاد"، لكنه قلل في المقابل من خطورة الوضع. ووصف "كروش" تكثيف الجيش من تحركاته وضرباته ضد الإرهاب ب"العمل الروتيني اليومي، من خلال متابعة مسار الإرهابيين واستغلال المعلومات الموجودة لتمشيط وتطهير المناطق من الوجود الإرهابي". الخبير الأمني ربط سرعة تحرك الجيش الجزائري بصفقة تبادل الأسرى بمالي، وقدر ذلك بأن "الجيش والأجهزة الأمنية استغلت المعلومات المتحصل عليها من الإرهابيين الذين ألقي عليه القبض، ساعدت في تلك العمليات العسكرية النوعية، أبرزهم الإرهابي أبوالدحداح". وتابع قائلا "أن هذه العمليات الاستباقية للجيش أثبتت بأن التمويل المالي الذي وصل للجماعات الإرهابية يؤكد خططهم لعودة النشاط بالجزائر، وأكدت مرة أخرى خبرة الجيش الجزائري في معرفة تكتيك الجماعات الإرهابية في التنقل والاشتباك والاختباء والاتصال". واستبعد في المقابل أن يكون تمركز الإرهابيين بمحاذاة العاصمة "هدفه تنفيذ عمليات إرهابية بها، وإنما زعزعة الأمن بأي منطقة معتمدين في ذلك على الصخب الإعلامي، والعاصمة الجزائرية كما كل المدن وحتى القرى أصبحت عصية عليهم، نتيجة الضربات الاستباقية واستغلال المعلومات". واعتبر بأن معاقل الإرهابيين هي "معاقل تقليدية وتكتيكية منذ عدة سنوات لفلول الإرهاب نتيجة الطبيعة الجبلية والغابية التي تمكنهم من الاختباء وكشف الخبير الأمني أن اختيار الإرهابي من أصول جزائرية "أبوعبيدة يوسف العنابي على رأس تنظيم "القاعدة" ببلاد المغرب العربي يهدف ل"إنعاش العمليات الإرهابية في المنطقة بما فيها الجزائر، والداعمين للإرهاب يشترطون تنفيذ عمليات إجرامية لزعزعة الاستقرار بالمنطقة التي يريدونها". وشدد على أن يقظة الجيش "حالت دون تنفيذ تلك الجماعات الإرهابية من يقف ورائها مخططاتهم الإجرامية في العمق الجزائري". وعاد الخبير الأمني في تصريحه للظروف الأمنية المحيطة بالجزائر والتي قال إنها "لم تأت عبثاً بدأ بإسقاط نظام القذافي بليبيا وفك أجهزته الأمنية وجيشه، فإن الجيش الجزائري كان يدرك المآلات التي كان ستسير عليها المنطقة وكذا في مالي وتونس، ولولا قدرة الجيش على تأمين الحدود لكان لها نصيب من الفوضى التي تركها الوضع بليبيا".