ثمّن سفيان جيلالي رئيس حزب "جيل جديد" مبادرة الرئيس تبون للم الشمل وتحصين الجبهة الداخلية، وذلك في مقابلة خاصة مع موقع "العين الإخبارية". أكد سفيان جيلالي بخصوص مبادرة الرئيس تبون للم الشمل .." التي أوردتها وكالة الأنباء الجزائرية في مقال نشر مؤخرا، أنه لا يملك معطيات دقيقة، مرجحا وجود إرادة سياسية للذهاب نحو انسجام أكبر داخل الطبقة السياسية. وبحسب سفيان جيلالي، فإن الأحزاب السياسية التي تملك أغلبية نسبية داخل المؤسسات المنتخبة ليس لها أي دور اليوم، والبعد السياسي أصبح غائباً تماماً، والسلطة لا يمكنها التواصل مع المجتمع إذا لم تتوفر حلقة التواصل بين الطبقة السياسية ككل والمجتمع. ويعتقد رئيس حزب "جيل جديد" أن هناك وعي لدى السلطة بهذا الخطر وخاصة في ظل الأزمة العالمية التي نعيشها، وعلينا كجزائريين أن نقوي الجبهة الداخلية، وهذا ما قلناه مرارا وتكرارا، وللأسف لم نصل إليه بعد. ومن المهم جدا أن تدخل كل القوى الحية في البلاد، في تعاون فيما بينها، وأن يكون هناك نقاش وحوار، لأن الرهانات كبيرة جدا. ما أوردته وكالة الأنباء شيئا إيجابيا جدا، ويجب أن نذهب إلى حوار وطني حقيقي يدمج كل القوى السياسية حتى نصل إلى آفاق جديدة. وفي رده عن سؤال بخصوص تحرك السلطات ضد التنظيمين الإرهابييْن "رشاد" و"الماك"، قال إن العملية الأمنية ضد هذين التنظيمين كانت على حق، وكل من له نية لإدخال الجزائر في فوضى وتلقى دعماً من أطراف أجنبية يجب أن يتم محاربته وإقصائه، مشيرا إلى أن التحرك الأمني يجب أن يكون صارماً مع من يكون له نية سيئة ضد الجزائر. وفي قراءته للوضع السياسي عامة، قال رئيس حزب "جيل جديد" أنه في بداية 2020، كان هناك مشكل متمثل فيما بقي من الحراك الشعبي، وفي الحقيقة خلال تلك الفترة تم الاستحواذ على الحراك من بعض مما سُمِّي بالمعارضة، وبقيت الصعوبة سيدة الموقف بين المجتمع ككل والسلطة. وبعدها جاء التعيل الدستوري ، والعملية كان نصفها ناجحا ونصفها الآخر سلبيا، والنجاح يكمن في الوصول إلى تحول إيجابي في مضمون الدستور، أما الجانب الآخر السلبي فهو نسبة المشاركة في الاستفتاء الشعبي التي كانت ضعيفة. وهذا يعني أن ثقة المجتمع الجزائري لا زالت ناقصة، وهذا راجع إلى تراكمات سنوات من سياسات النظام السابق. أما الانتخابات التشريعية جاءت أيضا في هذا السياق الذي منع حدوث تغيير حقيقي، ولم يتم الوصول إلى طبقة سياسية جديدة تعطي نَفَس جديد للعمل السياسي، والدليل أن معظم الأحزاب السياسية التي لديها وجود في البرلمان ليس لها دور في الساحة السياسية وفي الإعلام، وليس لديها مواقف، ولا تشرح للجزائريين خططها السياسية. ضف إلى ذلك، هناك نقص فادح في الممارسة الإعلامية، كل القنوات التلفزيونية مغلقة أمام النقاش والحوار، الصحف في حالة انهيار وسائل الإعلام (المحلية) دخلت في سبات في الجانب السياسي. سياسياً، الجزائر نجحت في ضمان الاستقرار الذي يبقى نسبياً، وربما العامل الأمني هو الذي أخذ الدور الأكبر (الحرب على الإرهاب)، ولكن سياسياً لا يزال الوضع ضعيفاً، حتى أداء الحكومة يبقى ضعيفاً. ويعتقد سفيان جيلالي أن أكبر عامل الذي لم يمكن من الوصول إلى التغيير المطلوب هو عدم الثقة عند الجزائريين، هذا الأمر لم يأت في وقت قصير ولا منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة (2019)، بل أصبح واقعاً على الأقل منذ 2014 عندما ترشح الرئيس السابق لولاية رابعة، وهي العهدة التي كانت كارثية لمعنويات الجزائريين، بالإضافة إلى تداعيات كورونا على الاقتصاد، كل هذه المعطيات لم تجعل المواطن يغتنم فرصة التغيير. وفي تفسيره لما يصفه البعض ب"السبات السياسي" للأحزاب منذ الانتخابات المحلية، يعتقد رئيس فجر جديد أن السبب الأول يعود إلى ما يمكن تسميته ب"خيبة الأمل" عند الأحزاب بعد الانتخابات التشريعية والمحلية، لأن السلطة اتخذت إجراءات سياسية ولكن الطبقة السياسية لم تحضر بالشكل الكافي للدخول في هذه المعركة الانتخابية، وموازين القوى لم تكن واضحة. وبعد الانتخابات أصبح هناك ركودا سياسيا، لأن خيبة الأمل عند الأحزاب ولّدت خيبة أمل لدى مناضليهم، ومن جهة أخرى، الأحزاب السياسية التي عادت لتصدر المشهد هي أجهزة لا تملك خطاباً سياسياً. بالإضافة إلى أن الإعلام لم يلعب الدور لإحياء الساحة السياسية، على العكس من ذلك، لا نعلم إن كانت هناك تعليمات أو ضغوطات عليها، لكن الواضح أن كل وسائل الإعلام المحلية دخلت في ركود، ولم تعط ذلك النفَس الذي كنا ننتظره.