رضا بدر الدين برويقات، إعلامي بقناة "الجزيرة"، حظي مؤخرا، بتكريم خاص بمناسبة مرور عشرينية انطلاقة القناة، هو ابن مدينة وهران البار الذي قاده الطموح وسهّلت له الكفاءة الالتحاق بأكبر القنوات العربية، ورغم ذلك يراوده الحنين بشكل يومي إلى دفئ وحضن الجزائر، وفي هذا اللقاء الذي جمعه ب"الحوار"، تحدث برويقات عن رؤيته للإعلام الجزائري، ونقل لنا حلم الصحفيين الجزائريين بالخارج. _خمس سنوات مرّت على التحاقك بقناة الجزيرة، كيف تصف لنا تجربتك في هذه القناة الرائدة؟ بادئ ذي بدء أتقدم لكم بوافر شكري لإتاحة الفرصة لي للتواصل مع قراء جريدتكم الغراء "الحوار". هذا الحوار أتمنى أن يكون إضافة إيجابية لكل القرّاء خاصة الإعلاميين الشباب الطامحين إلى تقديم الأفضل في مهنة المتاعب… ولّدت في مدينة وهران وانتقلت مع الأسرة للعيش في مدينة عين تيموشنت أين أنهيت دراستي الثانوية، وعدت بعد ذلك إلى وهران أين أنهيت دراستي الجامعية ونلت بها شهادة الليسانس في "الاقتصاد القياسي"… بعد أن أنهيت خدمتي العسكرية في مدينة الأغواط، كنت مثل بقية شباب ذلك الجيل أحاول البحث عن الذات من خلال الهجرة إلى الخارج، وكانت لي فرصة في الحصول على تأشيرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، في منتصف عام 1999. أعتبر نفسي من المحظوظين وخاصة أن الطريق كان ميسرا وسالكا أمامي، بحيث التحقت بعد فترة من وصولي إلى أبو ظبي بمركز زايد للتنسيق والمتابعة، الذي أنشأ حديثا حينها بتوصية من إحدى الندوات التي نظمتها جامعة الدول العربية. في البداية عملت في مركز مترجما، ثم باحثا اقتصاديا وسياسيا، وبعد ذلك كلّفت بالإشراف على نشرة يومية خاصة بالمركز، بالإضافة إلى تنظيم الندوات والمؤتمرات الخاصة بمركز زايد.
_هل قرّبتك البيئة الجديدة من المؤسسات الإعلامية؟ هذه البيئة الجديدة قرّبتني كثيرا من الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية. مركز زايد، أتاح لي الفرصة للتقرب من الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية، وحضرت العديد من المنتديات والمؤتمرات والملتقيات الفكرية والعلمية ومن ضمنها الإعلامية. عملي في مركز زايد، منحني فرصة الاحتكاك بأسماء إعلامية وسياسية وازنة في العالم العربي، وهذا ما شجعني على التفكير في الالتحاق بإحدى المؤسسات الإعلامية، كما شجعني بعض الزملاء والأصدقاء الإعلاميين الجزائريين الذين أشكرهم بالمناسبة. عملت على تنمية قدراتي ومهاراتي في المجال الإعلامي، وخاصة أنني دخيل على عالم الإعلام، فالتحقت بالعديد من الدورات التكوينية في مجال الإعلام. في سنة 2011 أتيحت لي الفرصة للالتحاق بقناة الجزيرة، كمنتج للمقابلات، في غرفة أخبار أكبر وأهم قناة عربية وربما عالمية.
_تم تكريمك بمناسبة مرور عشرينية انطلاق "الجزيرة"، ماذا يمثل لك ذلك؟ قبل أيام وتحديدا في الفاتح من شهر نوفمبر الجاري، تم تكريمي مع بقية الزملاء من قبل إدارة شبكة الجزيرة، وهذا بمناسبة مرور خمس سنوات من التحاقي بالقناة في الدوحة. هذا التكريم كان له طعم خاص بالنسبة لي، خاصة وأنه يتزامن مع احتفال الجزائر باندلاع الثورة المجيدة، واحتفال القناة بذكرى مرور 20 سنة عن تأسيسها، وانتقالها إلى استوديوهات جديدة، مع الإعلان عن دورة برامجية جديدة أيضا. تجربتي في قناة الجزيرة من أهم وأبرز المراحل العملية في حياتي، فالعمل داخل أهم وأكبر غرفة تحرير في العالم، والعمل إلى جانب أبرز النجوم والإعلاميين يشعرني بكثير من الفخر والاعتزاز، كما يشعرني بكثير من المسؤولية والتوتر في الآن ذاته. كان لي أيضا نصيب في العمل الميداني، بحيث سافرت إلى طرابلس في مناسبتين للمساهمة في تغطية ذكرى الثورة الليبية والاستفتاء على الدستور الليبي الجديد، وفي المناسبتين واجهتني بعض الصعوبات في تلك التغطيات وخاصة عندما كان يعرف المواطن الليبي أني جزائري، وفي حينها كان الليبيون ينظرون اإى الجزائر أنها ضد ثورتهم التي أطاحت بالرئيس الراحل معمر القذافي، أو هكذا روّج لها الإعلام في حينها، إلا أنها كانت غنية بالتجارب. كما كانت لي تجربة أخرى ميدانية، وربما هي الأبرز والأهم في مسيرتي مع الجزيرة إلى حد الآن، خاصة عندما تم تكليفي بالإشراف على فريق تغطية المشاورات السورية – السورية في شهر فبراير الماضي، بجنيف السويسرية.
_عملك كمنتج للمقابلات في قناة الجزيرة هل يتيح لك فرصة الاهتمام بأحداث الجزائر؟ بحكم اهتمامي الكبير بما يحدث في وطني الجزائر، أقدم اقتراحات للإدارة لتغطية حدث ما، وفي الغالب يأخذ بمقترحاتي، كما أنه في بعض الأحيان يتم تكليفي بإعداد تقارير أو كتابة نصوص بعض التقارير، خاصة عندما تكون القضايا حساسة، فلربّما صحفي آخر لا ينتبه إلى بعض الجزئيات التي قد تخل بالمفهوم والمعنى.
– هل يساهم التّواجد المعتبر للصّحفيين الجزائريّين بقناة "الجزيرة" في تسهيل التأقلم للوافدين الجدد؟ لا يمكنني وصفه بالتأقلم أو الاندماج وإنما هذا التواجد يضفي على المكان شيء من الطمأنينة والراحة والدفء وخاصة عندما نتبادل الحديث بلغة نفهمها في قضايا تجمعنا ونتشارك فيها من دون سوانا، كما أن قضية التأقلم غير مطروحة لأننا نعمل مع طبقة مثقفة ولها درجة كبيرة من الوعي، وأي زميل جديد يلتحق بالشبكة سيشعر من أول يوم أنه يعرف الجميع منذ سنين. –إلى أيّ مدى تشكل الصحافة الجزائرية مرجعية لك في اختيارك للمواضيع التي تعدها؟ طبعا صحيفة "الحوار" هي أحد أهم مصادري الإخبارية التي أتابعها بشكل شبه يومي، إضافة إلى باقي الصحف والقنوات العمومية والخاصة، مما يتيح لي الفرصة للبقاء على اطلاع بما يحدث في الجزائر وهموم المواطن، فأنا إعلامي والقراءة والمطالعة ومتابعة الأخبار والأحداث تدخل في صلب عملي.
– كيف تنظر للصحافة الجزائرية اليوم من موقعك في "الجزيرة"؟ الإعلام في الجزائر عرف نقلة نوعية مميزة لا يمكن إنكارها أو إغفالها وحتى أنها استقطبت عددا كبيرا من المشاهدين من داخل وخارج الوطن، ولكن يبقى الإعلام في حاجة إلى الكثير من التعديلات والعمل بشكل أكثر مهنية وخاصة في ظل هذا الانتشار. إضافة إلى ذلك، فإن المشاهد الجزائري ذكي وذواق، وهو يحتاج لمن يحترمه ويفهم تطلعاته ويقدم له مادة إعلامية راقية. _ ما سرّ نجاح الإعلاميين الجزائريين في الخارج برأيك؟ لا ينقص الإعلامي الجزائري أي شيء للبروز والنجاح، والنجاح الذي تم تحقيقه في الخارج هو جزء من الشخصية الجزائرية التي تصبو دائما إلى النجاح والتميز … فأي مجتهد سيكون حليفه النجاح عندما توفر له بيئة عمل صحية. والنجاحات التي تتحقق في الخارج أتمنى أن تنعكس على الداخل، كما يجب استغلال الطاقات الإعلامية في الخارج لبناء صرح إعلام فضائي ناجح في الجزائر.
_ ألا يراودك الحنين إلى الوطن؟ الحنين يراودني كل يوم وكل لحظة، خاصة بعد أن قضيت 17 سنة خارج الوطن، الجزائر تسكنني، ولكن في الوقت الراهن صعب، خاصة أن أبنائي يزاولون دراستهم في المدرسة البريطانية بالدوحة، وهم في حاجة إلى الاستقرار والتركيز، إلا إذا قدّر الله شيء آخر. حاورته: سامية حميش