كثر الحديث في الأيام الأخيرة عن الانخفاض الكبير لأسعار الغاز، موازاة مع تراجع صادرات الجزائر منه، وهو الأمر الذي سيجر مداخيل الدولة من المحروقات إلى مزيد من الانهيار، خاصة وأن الظرف الاقتصادي وأهداف الدولة المسطرة لبرنامج النموذج الاقتصادي للنمو لا يسمحان بأي عراقيل جديدة، وفي هذا الصدد طمأن الرئيس المدير العام السابق لسوناطراك عبد المجيد عطار في حديث ل"الحوار"، بانتعاش مرتقب في أسعار الغاز سيلمس الاقتصاد الوطني نتائجه هذه السنة وهذا نتيجة لارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. * تشير آخر أرقام البنك المركزي إلى انخفاض ملحوظ في أسعار الغاز، حيث تراجعت بمعدل 3,5 دولار لمليون وحدة حرارية سنة 2015 مقارنة بسنة 2014 فيما واصلت هذا الانخفاض حتى في السنة الماضية، ماهي مسببات خفض سوناطراك لأسعار الغاز بنوعيه في السنوات الأخيرة؟ – أسعار الوحدة الحرارية للغاز مربوطة دوما بسعر برميل النفط، فإذا كان مرتفعا ترتفع الأسعار واذا كان منخفضا تنخفض، وتختلف هذه الأسعار من بلد الى آخر حسب التكوين الطاقوي لكل بلد على اعتبار أن مسئوليها يشترون الطاقة وليس الغاز كمادة. وترتكز تركيبة تحديد أسعار الغاز على عدة محاور طاقوية، تكون أغلبها نفطية ثم تأتي النووية والفحمية وغيرها، لذا ونظرا لانخفاض أسعار البترول منذ نهاية سنة 2014 فإنه أصبح من الضروري على سوناطراك خفض أسعار الوحدة الحرارية للغاز وهو الإجراء الذي تطبقه جميع البلدان المصدرة للغاز، وتتغير تركيبة تحديد سعر الوحدات الحرارية للغاز كل سنة بتغير قيمة العوامل المتحكمة فيها وعلى رأسها أسعار النفط، وما يجب معرفته أن اسعار الغاز لا تخضع للمفاوضات بين الدولة البائعة والدولة المشترية، وعلى سبيل المثال ستتحدد أسعار الغاز الذي سيباع بعقود الستة أشهر الأولى من سنة 2017 وفق معدل سعر البرميل للسداسي الثاني من سنة 2016. والجدير بالذكر أن أغلب عقود الجزائر لبيع الغاز طويلة الى متوسطة المدى ولا تتعامل وفق الأسواق الفورية إلا لدى وجود فائض في الإنتاج يتعدى الكمية المطلوبة في العقود.
* المعطيات والتقارير الأخيرة تكشف عن انخفاض أيضا في صادرات الغاز للجزائر خلال السنوات القليلة الماضية، لماذا هذا التراجع؟ – لا، بالعكس تماما، فصادرات الجزائر من الغاز في ارتفاع منذ سنتين، فحسب تصريحات وزير الطاقة والمسؤول الاول على شركة سوناطراك فان انتاج وتصدير الغاز ارتفع ب11 بالمائة سنة 2016، وبالتالي فان الانخفاض عرفته الجزائر بين سنتي 2011 و 2015 وليس خلال السنتين الاخيرتين. أتوقع زيادة في أسعار الغاز هذه السنة تماشيا والزيادة التي تعرفها اسعار البترول التي وصلت في الايام الاخيرة إلى 55 دولارا للبرميل، فمن المفترض ان يرتفع سعر الغاز كما سيزيد حجم صادرته خاصة خلال هذه الفترة التي تستلزم على شركة سوناطراك تكثيف صادراتها من الغاز لتعويض خسائرها من البترول وتراجع مداخيل البلاد من المحروقات، على اعتبار ان الجزائر لا تزال محافظة على سوقها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، خاصة بالنسبة ل"جي بي ال" المطلوب بكثرة في مصر وتركيا وايطاليا وغيرهم.
* كشفت مصادر أن سوناطراك سارعت في الأيام الأخيرة لاستكمال أعمال صيانة محطة سكيكدة لاستئناف إنتاج الغاز الطبيعي المسال وضمان عودة التسليمات بشكل عادي، خاصة بعد تصريحات مسؤول بشركة جي ار تي–غاز الفرنسية الذي أكد سابقا تراجع صادرات الجزائر من الغاز لجنوب فرنسا مما سيتسبب بإغراقه في الظلام، ما تعليقكم؟ – سوناطراك بالفعل سارعت في عمليات صيانة محطة سكيكدة لانتاج الغاز الطبيعي المسال نظرا للطلب الكبير على الغاز خاصة من اوروبا، حيث دخلت المحطة حيز الانتاج نهاية الاسبوع الماضي، لكن تصريحات المسؤول الفرنسي لا صلة لها بالصحة بحكم ان سوناطراك قد التزمت بجميع الكميات الموجودة في العقود بين الطرفين وأعتقد ان وراءها خلفيات استراتيجية، أعتقد ان الهدف منها مضاعفة موقف سوناطراك في المفاوضات المستقبلية فيما يخص توسيع العقود بين الجزائروفرنسا، كما لا يحق لهذا المسؤول التصريح بخصوص صادرات الغاز بحكم أن شركة جي ا لتي-غاز هي مجرد شركة توصيل وتسيير أنابيب الغاز فقط ولا عقود لها مع شركة سوناطراك.
* في موضوع آخر، هل تستطيع المغرب ونيجيريا الانطلاق بمشروع ربط القارة الإفريقية بالأوروبية بالغاز الذي أعلن عنه منذ أشهر قليلة؟ – انا ارى الاعلان عن الامر مجرد خبر سياسي اريد به زعزعة الجزائر، فاقتصاديا لن يكون له اي مردودية ولا يمكن الشروع فيه نظرا لميزانيته الضخمة التي تفوق 20 مليار دولار، كما ان انابيب الغاز التي سينجز المشروع وفقها تعبر عدة دول وهو الذي من شانه ان يتسبب في عدة مشاكل قد تعيق المشروع.
* ماذا عن مشروع الجزائر المماثل "نيغال" المرتكز على ربط القارة الإفريقية والجزائرية بأنبوب الغاز العابر للصحراء المعروف الذي اتفقت الجزائرونيجيريا سنة 2009على إنجازه ولم ير النور بعد بسبب تكلفته الكبيرة حيث قدرت بنحو 12 مليار دولار؟ – المشروع الجزائري لا يزال دائما على طاولة الدراسة بوزارة الطاقة التي تبحث على مستثمرين لانجازه، ويرجع تعطل الانطلاق فيه لتراجع مداخيل الدولة من المحروقات بسبب انخفاض اسعار البترول والغاز، وبالتالي ارتفاع تكلفته من 8 الى 10 مليار دولار آنذاك إلى 16 او 20 مليار دولار الآن، كما ان ملكية احتياط الغاز في نيجيريا التي تعود الى الشركات الاجنبية وليس إلى الدولة تمثل مشكلا كبيرا عطّل الانطلاق في المشروع بالاضافة الى المشكل الأمني الذي تعاني منه نتيجة تغلغل الجماعة الإرهابية بوكو حرام على أراضيها. سألته: ليلى عمران