خريجو ماستر العلوم السياسية …… تعرف كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية حالة من الفوضى، تجعلها تعيش على شفا بركان تختتم به السنة الجامعية 2018/2019، فيجد الطلبة أنفسهم بين نارين: نار الضغوطات القائمة على التخصص والتخوفات من التخلي عنه وضغوطات واقع الحرم الجامعي، ضغوطات تكشف حجم التحديات التي يعاني منها قطاع التعليم العالي وحجم ما يستوجبه من إصلاح بهذا القطاع الحساس. اصطدم طلبة أو خريجو الماستر لكلية العلوم السياسية بالعاصمة، بالعراقيل البيروقراطية التي عصفت بشهادات تخرجهم، فالبعض يراوح بين انتظار استخراج الشهادة التي لم تصدر بعد، بالمقابل ظفر المحظوظون منهم بشهادة النجاح إلا أن الحظ لم يكن بكامل التوفيق بعد اكتشاف العشرات منهم لتسجيل أخطاء على مستوى كشوف نقاطهم فيما يتعلق بالمعدل السنوي، وتضارب الردود الرسمية بين نفي أن يكون خطأ وبين تحميل المسؤولية للبرنامج “اللوجسيال”، في حين اتفقت ردود الإدارة أن إدراج المعدل السنوي ببعض الكشوف كان خطأ يتوجب تداركه، وأن التفاصيل كان يجدر أن ترفق بالملحق الوصفي الذي تم تأجيل تسليمه إلى سبتمبر المقبل. لكن ما أثار حفيظة الطلبة هو أسلوب الاستهتار والمرفوق بالتعالي الذي يعانون منه، فرغم وعود الإدارة بالتدارك بالنسبة لهم وتسليمهم كشوفا لا تتضمن خانة المعدل السنوي، إلا أن تحديد موعد التصحيح لم ير النور ليبقوا رهين الثنائية التي تعاني منها الإدارة الجزائرية “روح وأرواح”، يعني الذهاب والإياب طيلة أسبوع كامل، من يوم الأحد وهو موعد بداية تسليم الشهادات والكشوف وإلى غاية يوم الخميس وهو موعد غلق أبواب الجامعة، وهو ما أثار حفيظة الطلبة، حيث تعلق الطالبة “أ. ش”، أنه تم وعدهم بالتدارك قبل يوم الخميس الفارط إلا أنهم بقوا رهين الانتظار طيلة الصبيحة، قبل أن يتم الرد عليهم باستحالة الأمر وبأن التصحيحات مؤجلة إلى غاية سبتمبر، وهو ما أثار حفيظتهم، مضيفة أن وعود الإدارة مقابل عدم الالتزام بلغت حدا لا يطاق فقد تم جعلهم رهيني تعديل الكشوف طيلة أسبوع كامل دون جدوى، ليكون التبرير يوميا انتظروا حضور المكلفة بالتعديلات ستحضر لاحقا، قبل أن يتم إعلامهم من طرف إداري آخر أنها أساسا على مستوى جامعة دالي إبراهيم في خضم نشاط بمقر الجامعة وأن ردود الإدارة ومطالبتهم بالانتظار لم تكن سوى مسايرة لهم دون نتيجة. وحافظ الطلبة على أمل تصحيح الكشوف إلى غاية المهلة الأخيرة وهي يوم الخميس، قبل أن يتم الرد عليهم باستحالة التصحيح وأنه لن يتم التدارك قبل شهر سبتمبر، وفي هذا الخصوص توضح الطالبة “س. م”، أنهم أوضحوا مدى الحاحهم على تصحيح الخطأ، كونهم في حاجة ماسة للكشوف، إلا أنهم لم يخرجوا من نطاق تقاذف المسؤوليات بين المسؤولين. الإدارة المركزية تفيض الكأس أعرب الطلبة عن استيائهم من طريقة تقاذفهم من يوم لآخر ومن مسؤول لآخر لكن ما أثار حفيظتهم أكبر، هو طريقة الرد بحقهم من طرف بعض المسؤولين، على غرار مسؤول البيداغوجية على مستوى جامعة الجزائر 3، الذي قال أنه لا يملك وقتا لانشغالات الطلبة بل أكبر من ذلك فبعدما أوضح الطلبة أنهم بحاجة لتصحيح الكشوف قبل سبتمبر من أجل المشاركة في المسابقات ومراسلة الجامعات الأجنبية جاء رده: “إي روحو راني شادكم، ، أم نخدموا وفقا ليكم أنتم”، معتبرين أن طريقة كلامه والأسلوب يوحي وكأنه ليس مكلفا بالشؤون الجامعية التي تخص الطلبة بدرجة أولى، رغم توضيحهم أن مصيرهم متعلق بتصحيح الكشوف وأن التأجيل سيجعلهم يضحون بسنة كاملة من مسارهم. وتصاعدت توترات الطلبة لتوسع الشكوك من مجرد عدم القيام بالمهام إلى تعمد إقصاء الطلبة متخوفين من انعكاسات ذلك على حرمانهم من ربط التواصل مع الجامعات. خريجون بشهادات مؤجلة التسليم حرم العشرات من خريجي الماستر بكلية العلوم السياسية من تسلم شهاداتهم، فتوضح الطالبة “م. ب”، أنه لم يتم تسليم العديدين منهم شهادة النجاح المؤقتة على غرار زملائهم الآخرين، وأنهم يبقون رهيني التسويف والتأجيل في كل مرة، ليأتي الرد الأخير بتأجيل منحهم إياها إلى غاية سبتمبر، معربين عن غضبهم من سياسة ضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلبة. أما الطالب “ن.ط” وهو طالب أجنبي فقصته مغايرة وإن كانت تصب كلها في إطار البيروقراطية الإدارية، حيث يوضح أنه لم يمنح شهادة الماستر وكشف النقاط الخاص به، حيث تمت مطالبته بجلب قرار تسوية الوضعية من وزارة التعليم العالي من أجل المعادلة، رغم أنه يحمل ليسانس جزائري، أي حاز على معادلة شهادة البكالوريا سابقا، موضحا أن تحويله للوزارة تم دون رسالة من طرف الإدارة، وهو ما دفع بالوزارة لمطالبته بتوضيح وضعيته عن طريق الملحق الثقافي الخاص بسفارة بلده، ليبقى قيد الانتظار. كما أضاف محدثنا أنه تم التعذر بعدم العثور على ملفه، خاصة أن المرحلة الحالية فترة عطلة، متسائلا أنه في حالة تسجيل عراقيل أو نقائص بملفه لما لم يتم تنبيهه لذلك على مدار سنتي الدراسة، بدل أن يتم حرمانه من شهادته في نهاية المطاف، والغرق في أسلوب تقاذف المسؤولية على حسابه. هل يحتاج الوضع لسن قوانين لإنقاذ الطلبة من البيروقراطية؟ وجد الطلبة أنفسهم، أمام جدار البيروقراطية الذي تدعمه سياسة تقاذف المسؤوليات، والتي بلغت مداها من خلال أسلوب التعامل معهم، بداية من التسويف وعدم وضعهم في صورة الأمر الواقع، وصولا لأسلوب التمادي معهم بدل التوضيح أو حتى تبرير التجاوزات التي راحوا ضحيتها، وهو ما جعلهم يتساءلون عن مصير الحرم الجامعي ومكانة الطالب بصفته من فئة النخبة، ومدى احترام التصريحات الرسمية التي تؤكد كل مرة على رهان الحفاظ أو تعزيز مكانة الطالب، متسائلين عن مدى تطبيق ذلك، ولعل ما يجسد أغلب الاستنكارات التي سجلوها هو مقولة لأحد الطلبة خلال نقاشات الحراك الطلابي الداعم للحراك الشعبي، وتعليقه على دور مسيرات الطلبة بأنها يجب أن تفعّل وتنعكس على وضع الحرم الجامعي، عبر التعامل بإيجابية مع أي تجاوز واستنكاره والدفع نحو تغييره، وهو ما يحتاج نضالا من طرف هذه الفئة الحيوية لاستعادة مكانة الجامعة.