* أبناء الشيوخ عندنا يدرسون مع عامة الشعب ويعالجون في المستشفيات الحكومية حاورتها: سامية حميش المهندسة ريم العمار حرم سعادة سفير دولة الكويتبالجزائر محمد الشبو،سيدة راقية، ومتحدثة لبقة تجمع بين الأصالة العربية والعصرنة، ثقافتها واسعة تشمل كل الميادين، هي حقا نموذج للسيدة الكويتية التي حققت ذاتها في ظل مجتمع أعطاها استقلاليتها، احترمها واعترف بها كسياسية وبرلمانية وكسيدة أعمال،..وفي بيتها المريح الذي يجمع بين الفخامة والهدوء، استقبلتنا فكانت هذه الدردشة الشيقة. * السيدة ريم حرم سعادة السفير محمد الشبو، مرحبا بك ضيفة على مجلة "الحوار"، كيف وجدت الأحوال هنا بالجزائر؟ صراحة،أول ما سمعت بنقلنا إلى الجزائر فرحت كثيرا، مع أني لم أكن قد زرت الجزائر من قبل، ولكن كانت لدي علاقات طيبة مع الدبلوماسيين الجزائريين الذين يمثلون بلادهم في الخارج، و كلهم ونعم الصحبة ونعم الأخوة، لذلك اتصلت بهم مباشرة لأخبرهم بنقلنا إلى الجزائر وبأنني سأراهم عما قريب، وبمجرد ما قدمت إلى الجزائر وجدتها مثلما تخيلت، شعب صادق ومضياف رحب بنا، أحسسنا معه بالأخوة ولم نشعر بالغربة أبدا، لمست صراحة آرائهم وصدق مشاعرهم وايمانهم العميق بالعروبة. أعجبتني الجزائر، التي أعتبرها من أنظف العواصم في العالم، أتذكر أنني عندما جئت لأول مرة وكنت بصدد استخراج بطاقة بيومترية، اضطررت لأخذ صورة لدى مصور بحي شعبي، وأبهرني أن أجد المناطق الشعبية نظيفة جدا،حتى الأزقة الضيقة تتسم بالنظافة وهذا ما أعجبني جدا، العاصمة الجزائرية نظيفة على خلاف عواصم أخرى بمجرد أن نتجاوز مرحلة المطار نكتشف فيها عدم اهتمام. نعم، أحسست بأخوة وألفة، شاركتهم أفراحهم ودعيت الى بيوتهم ويعرفونني على أهاليهم بدون أي تكليف. * ما هو الانطباع الذي أخذته عن المرأة الجزائرية، ومن هي الجزائرية التي تراها السيدة ريم كنموذج؟ ماشاء الله، تبارك الرحمن المرأة الجزائرية متميزة لمعت في كل الميادين، مثقفة، وكلامها موزون، سيدة بيت ممتازة وصادقة، ومما لاحظته احترام الرجل الجزائري لها، فهو يفتخر بها ويقدمها عنه، كزميلة كأخت وكزوجة وأم،دائما يفتخر بوجودها جانبه، ليس خوفا بل عرفانا، المرأة الجزائرية قامت بدورها إبان ثورة التحرير إلى جانب الرجل ولها الفضل في تحقيق استقلال البلاد أيضا،وهذا من دواعي فخر الرجل بها. وبشكل عام، أغلب من التقيت بهن أبهرنني، وآخر من تشرفت بلقاءها في حفل استقبال العيد الوطني الكويتيبالجزائر، السيدة عزوار وزيرة العلاقات مع البرلمان، تفاجأت بمعرفتها واطلاعها الواسع، وبالأخص بحجم إلمامها لكل التفاصيل عن الحياة البرلمانية في الكويت واتجاهاتها، فبطبيعة الحال إدراك ما يحدث في المجتمعات و دول العالم سوف ينعكس ايجابيا على المجتمع الجزائري بشكل أو آخر. كل امرأة التقيتها بالجزائر لها بصمة و مكانة وتعتبر مثال يحتذى به. طبعا هناك نموذج خاص على غرار المجاهدة الحرة جميلة بوحيرد، التي بُهرت بشخصيتها وبمواقفها، كموقفها الرافض للأكل الفرنسي، والبساطة التي تميزها حيث لا يمكنك تخيل الكم الهائل من الناس الذين يسلمون عليها من كل الأقطار العربية في حال وجودها بأي مكان عام، وهي ترد عليهم بكل تواضع وتقف وتسلم وتجامل الكل وترحب بالكل. وما زالت تضع مصلحة بلادها الجزائر فوق كل اعتبار،هي صراحة نموذج مشرف للمرأة الجزائرية. * للمرأة الكويتية أيضا تاريخ مشرف، حدثينا قليلا عن واقع المرأة الكويتية و ماحققته مكاسب ؟ في الحقيقة، ما الذي لم تحققه المرأة الكويتية، لقد خاضت في كل الميادين، وتحدت كل الظروف لتحصل على مكانتها الحالية المميزة في المجتمع الكويتي. منذ زمن بعيد، واجهت العادات والتقاليد التي دفعت ببعض البيوت إلى عدم تشجيع التعليم النظامي، والإكتفاء بالكتّاب ونسميه عندنا"المطوعة"، حيث تتعلم القرآن والحديث والآداب. ولكن سرعان ما ذابت وتلاشت هذه الظروف بوعي الشعب الكويتي وادراك الحكومة بأهمية التعليم، فسنّت الدولة القوانين بإلزامية التعليم الإبتدائي لكل مواطن. وكما هي عادة النساء دائما، أبدعن وتفوقن في التعليم وأردن زيادة التحصيل الدراسي الجامعي ولم يكتفين في البكالوريا. وهنا البعض واجه مشكلة بُعد مسافة المؤسسات التعليمية عن منازلهم، وسرعان ما أنشأت لهن الحكومة سكنا خاصا لإقامة الطالبات. والآباء الواعين وافقوا على ذلك وعلى قيادة المرأة حتى لا يكونوا عثرة في طريق طموح المرأة الكويتية، و ما أريد قوله أنه كان هناك تشجيعا على تعليم المرأة وتحدي لكل الظروف التي تواجهها والحمد لله أن المرأة الكويتية استغلت ذلك أحسن استغلال. * ماذا عن انخراط المرأة الكويتية في العمل السياسي؟ الجميل في العمل السياسي أن المرأة الكويتية لم تأخذ حقوقها بنظام الكوطة، حيث أعطى الأمير المرأة حقها بالترشح و الانتخاب وأقرها مجلس الأمة لاحقا، ولكن الكويتية بجدراتها حصلت على مكانتها في المجلس، لذلك قد نجد أربع سيدات منتخبات في أحد دورات انعقاد المجلس، ولا نجد عنصر نسائي في دور انعقاد آخر إذا لم يعجبنا أدائهن أو طرحهن. خلاصة الحديث، وجود المرأة في المجلس ليس حق مكتسب أو لأنها فقط امرأة، بل تصل بكفاءتها إلى أي منصب شاءت كوزيرة أو برلمانية، هذا يتوقف على قدر اهتمامها بشؤون الشعب وعلى قدر طرحها وقدراتها كأي برلماني آخر. * الكثير من السيدات الكويتيات اقتحمن مجال المال و الأعمال،.كيف فرضت الكويتية نفسها في هذا المجال؟ هي عضو منتج وفعال في المجتمع والمرأة الكويتية فرضت نفسها منذ زمن بعيد في هذا المجال، هناك كثير سيدات كن حجر الأساس في الاقتصاد الكويتي، مثل السيدة سعاد الحميضي رحمة الله عليها التي كانت من الأوائل في هذا المجال، هناك أيضا السيدة شيخة البحر ترأس وتدير أحد أعرق البنوك الكويتية، وغيرهن كثير. فالشعب الكويتي على العموم محب للتجارة سواء كانوا رجالا أو نساء. وفي الكويت هذا المجال لم يكن يوما حكرا على الرجال، حيث كانت المرأة حرة التصرف في ميراثها وبإمكانها أن تصبح تاجرة وصاحبة أملاك وهي من تدير أملاكها. * لو طلبنا منك مقارنة بين حال المرأة الكويتية قديماً وحديثا،خاصة ما يتعلق بالعادات والتقاليد؟ الكويت قديما كانت تسمى بعروس الخليج والمجتمع الكويتي مجتمع منفتح بطبعه على الثقافات الأخرى والمجتمعات المحيطة به، ولكن في حدود القيم و الأخلاق التي تربى و كبر عليها. فعقلية المرأة الكويتية كانت و ما زالت عقلية منفتحة و متقبلة لثقافة الآخرين. فما تغير في المرأة الكويتية هو لباسها، بالرغم من اهتمامها منذ الاربعينات والخمسينات بعالم الموضة واللبس العصري، نجد أنها كانت تنتقي ما يناسب مجتمعها وثقافتها و المكان والوقت المناسب ايضا في اختيار ازيائها. وكذلك الرجل الكويتي، منهم من اتجه إلى لبس القميص والبنطلون والبدلات الرسمية، وكان يقتنيها من مصر ولبنان. حاليا في الكويت المرأة حرة في أن تلبس حجابا أو نقابا أو سفورا وتتجه إلى العصرنة في هندامها، مظهرها الخارجي لا يقلل من احترام الاخرين لها وهو حرية شخصية مطلقة لا يلزمها غيرها به. لقد كان الاهتمام بالمرأة حاضرا دائما، ولم تمر المرأة الكويتية بفترات قمع بمعنى الكلمة، صحيح لم يأخذ رأيها في الزواج، ولكن إذا اشتكت من ايذاء زوجها لها وأرادت الطلاق لا يقف المجتمع في وجهها. أما الآن فالمرأة لها رأيها في اختيار الزوج ولا يجبرها أحد على شيء لا تريده إلى درجة أننا صرنا اليوم نعاني من كثرة الطلاق. * حدثينا عن عادات وطقوس الزواج في المجتمع الكويتي؟ سابقا،كان الزواج يتم في سن مبكرة جدا، إذ كان معدل سن الزواج آنذاك 15 أو 16 سنة أو حتى بعض الأحيان أصغر من ذلك. كان سن الزواج صغير ولكن عدد ليالي الاحتفال بالزواج كثيرة، فهناك يوم "الدزّة" حيث يجلبون للعروس شرايا من الذهب والأقمشة الهندية والعطورات التقليدية ويضعونها في صندوق خشبي مميز يسمى بالصندوق المبيّت، ومما يجلبونه في جهاز العروسة عباية تخرج بها العروس من بيت أبيها إلى بيت زوجها كرمز للسترة. ثم تأتي ليلة "الحناء" وبعدها ليلة "الجلوة"، حيث تلبس فيها المرأة زينتها من الشرايا الذهب، وتتزين في لباس أخضر وهامة الذهب، و تبقى معها واحدة لترقيها بآيات من القرآن لتحصنها في حين يقوم البنات بالتهوية لها و كأنها ملكة.وآخر ليلة هي ليلة الزفاف وهذه الليلة التي تخرج بها من منزل ابوها الى منزل زوجها ترتدي بها العباءة السوداء. بعض هذه العادات مازالت موجودة. أما الأفراح الحالية هي ليلة الزفاف الرئيسية. * ماذا عن معدل سن الزواج اليوم بالكويت؟ يمكن أن يتعدى الثلاثين،لكن ليس بكثير، لكن المعدل الطبيعي هو ما بين ال24 إلى 28 بالنسبة للبنات ومن 27 إلى 30 للرجال، أي غالبا بمجرد التخرج من الجامعة، حيث تكون البنت قادرة على فتح بيت وتحمل مسؤوليتها. لكن للأسف صرنا لا نسأل الفتاة لماذا لا تتزوج، لأن بإمكانها ذلك طالما انها مستقلة ولم تجد الشخص المناسب. * ماذا يستهويك من المطبخ الجزائري؟ أحب كثيرا طبق اللحم الحلو والمثوم والبوراك مع شوربة الفريك وأحب خبز الدار، والكسكس بالخضر، نحن كديبلوماسيين تذوقنا أصناف المطبخ الجزائري من قبل، ولا أبالغ إذا قلت أن المرأة الجزائرية حريصة على ابراز شطارتها كربة منزل حتى ولو كانت زوجة سفير تحضر الكسكس وخبز الدار بيديها. * ما الذي استوقفك في الأزياء الجزائرية؟ بما أننا شعب منفتح جدا على الثقافات العربية، ممكن أن تجدي عندنا الكثير من الأزياء، كالقفطان المغربي و السدو الفلسطيني والأردني،و القماش المطبوع بالأحرف من التراث التركي والمصري بكل أشكاله، أما من الجزائر فأخذنا الكاراكو نسقنا الجزء العلوي مع تنورة، والقفطان الجزائري أيضا نلبسه للبنت الرشيقة في المناسبات، وبرأيي أنه يتميز بألوانه الزاهيىة مقارنة بالمغربي. لكن أخذناه بحذر لأنه بصراحة مكلف.عموما اللباس المغاربي موجود بكثرة بكل مستوياته، و على حسب المناسبة يتحدد ثقل القفطان, لكن عموما اللبس الجزائري متنوع جدا وهذا ما لاحظته في المناسبات، القبائلي ، القسنطيني، التلمساني كل واحدة تعكس من خلال لباسها منطقتها. أما نحن فعندنا تقريبا لبس موحد.