يا أمة ضحكت من جهلها الأمم، صدرت عمودي ومساهمتي المعتادة في جريدة "الحوار" خلال شهر رمضان المبارك بشطر من بيت شعري ذكره المتنبي في قصيدة يهجو فيها كافور الأخشيدي حاكم مصر ويحرض الناس فيها عليه منتقصا منه، وأن مصر يومها أكبر من أن يسوسها من أمثاله….!!! تذكرت هذه المقولة للمتنبي حينما ساءني الحال الذي وصلت إليه الأمة ومستوى التعفن والانحطاط في الرداءة والوعي الهزيل العام لها….!!! ففي كل سنة من رمضان نتلقى الاتصالات والاستفسارات من الصائمين من داخل وخارج الوطن ..حيث يسأل الناس عن أحكام الصيام وما يتعلق به من مسائل وأحكام فقهية وشرعية، ولاحظت عموم الفرحة بادية على محيا اخواني بقدوم الشهر الكريم وخاصة بعد فتح بيوت الله تعالى للقائمين في ليال رمضان المباركة…..!!!! ومما لفت انتباهي سؤال بعض الإعلاميين ليسجل لي تدخل عبر فضاء إعلامي لينقل انشغال الرأي العام وتنويره بما يجب من قضايا مهمة، فكان السؤال حول حكم استعمال اللقاح ضد كوفيد 19 للصائم …هل هو مفطر في نهار رمضان، وهل يجوز تناوله لأننا لا نعلم المكونات التي صنع بها هذا اللقاح الذي جاء من الخارج…..!!! ساعتها تذكرت قول المتنبي ..يا أمة ضحكت من جهلها الأمم….أغاية الدين هو الولوج في هذه الجزئيات التي ألهت الأمة…أم أن غاية الدين ونحن في شهر الصيام تحقيق المعنى المقاصدي والسامي من هذه العبادة الروحانية الطاهرة….(لعلكم تتقون…)..!!! البشرية تعاني جحيم الوباء وتبذل قصارى الجهد ليل نهار لإنقاذها من الزوال وتسعى لتحقيق ماهية الوجود وهي الحياة ..(ومن أحياها فكأنا أحيى الناس جميعا…)..!!! أمة أصابها من الوهن ما أصابها….حيث تركز عندها في اللاشعور أن رمضان هو ذلك الغزو والزحف البشري على الأسواق وتمسح كل ما هو قابل للاستهلاك…..!!! وكأن غاية الدين والصيام هو أطباق وموائد وخيمات، ضاربين عرض الحائط البروتوكولات الصحية التي توصي بها اللجان العلمية المتكونة من الخبراء وعلماء المخابر والمناعة….فلا قناع ولا مطهر ولا تباعد صحي…هذا شأن الأسواق …فمابالك بشأن بعض المساجد في اول ليلة من القيام ..حيث شوهد ولوحظ التهاون في احترام البروتوكول الصحي….!!! بل وصل بزمرة من الرواد إلى تعمد خرق البرتوكول الصحي وخاصة التباعد في الصلاة…..!!! حجتهم في ذلك بطلان صلاة التباعد ….بل وصل بهم إلى الإفتاء بإعادة الصلاة….لأن الفتوى جاءت من خارج الديار ومفتي دارنا لا يطرب ولا يقنع….!!! يا أمة ضحكت من جهلها الأمم…أو غاية الدين حف شارب واهتمام بمظهر..وإشاعة الشك والفتنة في نفوس المؤمنين…..!!! أم أن غاية الدين هو السكينة والطمأنية وإشاعة المحبة والأخوة والتضرع إلى الله تعالى باكين خاشعين…..وسؤاله الإخلاص والقبول…..!!! كل هذا يحتم على النخب كل في مجالها وتخصصها العمل على بناء وعي صحيح وفهم سليم لحقيقة الوجود الإنساني ….ولا يكون ذلك الا بمشروع حضاري للمجتمع وبناء جيل جديد يصنع الفارق والتغيير الإيجابي….!! صح رمضانكم…