سلسة تطوير الذات والنعيم بالحياة الوعي الإدراكي…..دأب الأنبياء عليهم السلام وسلوك الناجحين في حياتنا اليومية منشغلون على الدوام، فمنا من يشاهد التلفاز وآخر على صفحات الأزرق والآخر في عمله وأفضلهم حالا قد يكون منشغلا بشؤون بيته، وهذا في حقيقة الأمر من نظرة علمية أشبه بحالة من الغفلة أو السبات الإدراكي اللاواعي للذات. ومن خلال هذا المنطلق المسمى بالوعي الإدراكي فإن أغلب حالاتنا نكون أشبه بالنائمين أو الغافلين عن ذواتنا إذ عرف العلم الحديث الوعي الإدراكي في مفهومه البسيط بمثابه إحساس بالنفس البشرية يجعلنا نتواصل ونراقب ونفكر في ذواتنا إلى أبعد الحدود بعيدا عن تقلبات الحياة، فنبحث فيها ونقيم ونرتب وننجز ذهنيا طموحاتنا كرؤى وغايات تحتاج إلى التجسيد على أرض الواقع. ويحضرني في هذا الموضوع الشيق موقف مهيب كمثال للوعي الإدراكي والذي مفاده النأي عن كل مشاغل الحياة والانفراد بالذات ليكون أشبه ما يكون بالاعتكاف والتأمل الفردي الذي على مر التاريخ أثبت نجاعته في ازدهار الحضارات والنقلات النوعية التي شهدتها البشرية والأمثلة عديدة ولعل أبرزها وأفضلها مثالا هو الهدي المحمدي للنبي صلى الله عليه وسلم قبيل مهبط الوحي وحتى بعده، حيث كان عليه الصلاة والسلام ينزوي عن كل الدنيا ليتأمل في ملكوت السماوات والأرض بذاته بكل وعي وإدراك إلى أن وافقه السر الإلهي وحقت له الرسالة فصار بحول الله رحمة ورسولا للعالمين. ومن ذكر الحبيب عليه الصلاة والسلام إلى معظم عظماء التاريخ، فما كانوا ليضيئوا دروب البشرية بإنجازاتهم لولا انفرادهم بذاتهم ووصولهم لذروة الوعي الإدراكي في استنباطهم للحلول والمفاهيم التي كانت مغيبة في حالة الغفلة أثناء طغيان مشاغل الحياة. من هذا نفهم أن التطوير الحقيقي للذات يبنى وفق أسس صحيحة وقواعد سليمة ومن ضمنها القاعدة المتينة المنبثقة من الوعي الإدراكي الذي من خلاله تصلح كل الأسباب وتتحقق كل الطموحات بسلام. إن الروتين في حياتك يقتلك ببطء ! نعم هو يفعل ذلك من حتى أن تشعر، فهو يسلب منك وعيك وادراكك وبالتالي سلطتك على ذاتك ومن خلال هذا، فهلما بها سلوكات عشوائية وحياة بدون جدوى. إن من يصبو إلى تغيير حياته أو تجسيد هدف مهما كانت أبعاده بدون وعي فذلك يحتم عليه الفشل دون منازع أما من رغب في الممارسة الفعلية للحياة بكل متعة وإنجاز فوجب عليه الانزواء من وقت لآخر بمفرده يحدثها بما يرضيه ويكشف أبعادها. ألم نقل فيما سبق أن النفس تأمرنا بالسوء، إذا فاعلم أنه إذا لم تحدثها وتبرمجها بالإيجابية لتكشف أبعادها وأجنحتها الواسعة لتحلق في سماء الإنجاز فسوف تحدثك بما يسوءك ويثبط عزيمتك. ومن خلاصة الحديث أن على الإنسان الساعي لتحقيق طموحه وتطوير ذاته وجب عليه تسخير وقت يسير للانفراد بها واكتشافها وتوسيع آفاقها وسوف يرى يوما بعد يوم أنه يقترب من مراده بكل سهولة لأنه بكل بساطة استفاق من الغيبوبة الطويلة وصار يمارس صحوته مع ذاته لتحقيق أهدافه.