أثنى الكوريغرافي التونسي ومدير المركز الكوريغرافي المتوسطي، عماد جمعة، على المهرجان الثقافي الدولي للرقص المعاصر، واعتبر أن مسابقته تعتبر الوحيدة في إفريقيا والوطن العربي. كما أبدى إعجابه براقصي البالي الوطني، وقال إنه ينقصهم فقط بعض التكوين ليصبحوا راقصين عالميين. بين سنوات التسعينيات و2012 أين وصلتَ مع الرقص الكوريغرافي والجزائر؟ (يبتسم ).. جئت إلى الجزائر سنة 1990، وبالضبط إلى مدينة تيبازة، حيث قدّمت يومها أول عروضي الدولية. ومن حظي أن الجزائر كانت أول جولاتي دوليا، وأحسست باحتضانها لي، وأحببت العمل هنا، خاصة أنه، في ذلك الوقت، لم تكن تعني كلمة كوريغرافي شيئا، سواء في تونس أو الوطن العربي ككل، ولم يكن هناك مؤسسات أو هياكل. أردت أن استقر في الجزائر بحكم أن زوجتي جزائرية، وكان طموحي أن أسس بالي في مدينة تيبازة، ووجدت الدعم حينها من جميع الأطراف، لكن الظروف الأمنية حالت دون تحقيق هذا الحلم. ورغم ذلك فالجزائر بقيت في قلبي، إذ إنه من بين 30 عرضا عالميا، أغلب العروض التي نالت الإعجاب كانت حول الجزائر وعن الجزائر، خاصة عرض ''صابرة'' الذي أنجزته في فرنسا خلال 4 أشهر. أرى أن هناك تطورا كبيرا بين سنة 1990 واليوم، هناك تقبّل نوعا ما لهذا الفن رسميا وجماهيريا. هل استطاع الرقص الكوريغرافي أن يكوّن جمهورا خاصا به، مقارنة مع ما رأينا في المهرجان من إقبال؟ في الواقع.. صعب أن يتقبّل الجمهور الجزائري الرقص الكوريغرافي، لكن ما يجب الإشارة إليه وتثمينه هو استمرار العمل على البالي الوطني، الذي اختفى في تونس للأسف، وهذا ما يشجّع في الجزائر، بالإضافة إلى وجود المهرجان الثقافي الدولي للرقص العصري. وتعتبر مسابقته الوحيدة من نوعها سواء في إفريقيا أو الوطن العربي. حتى وإن كان هناك في فرنسا مسابقة إفريقية تحت شعار ''ارقص إفريقيا ارقص''، لكن تبقى في فرنسا ومخصّصة للأفارقة الموجودين هناك. أرى أن هذه المرحلة من المهرجان مهمة لتكوين الشباب الموهوب في الرقص والكوريغرافيا. لكن يجب التفكير في توسيع المهرجان، حتى يحس هؤلاء الشباب أنهم مجبرون على تقديم الأفضل واستلهام وإبداع أفكار ومواضيع جديدة وخلاقة. كما أعتقد أن المهرجان مشروع رائع وأتمنى أن يدوم، خاصة مع وجود مسابقة تشجّع الشباب الداخل إلى هذا الفن الحديث، على تقديم أفضل ما لديهم والاهتمام أكثر بأعمالهم. وما يحدث في الجزائر خطوة عملاقة في مجال الرقص المعاصر والكوريغرافي. كيف تقيّم المستوى بعد انتهاء المنافسة، وما رأيك في العرض الجزائري؟ أستطيع أن أقول إن المستوى مقبول، لكنه ما زال هشّا. بعض الفرق لم تصل إلى مستوى من النضج، فقد نجد في عروضها الرقص، لكن لا نجد العمل الكوريغرافي الحقيقي، وقد نجد الكوريغرافيا ولا نجد الرقص، مثل العرض المغربي. هناك بعض الأعمال مازالت بعيدة عن تحقيق المفهوم الحقيقي للرقص المعاصر. أعجبني العرض الجزائري والراقصين الجزائريين، خاصة سفيان دريسي، ولو كانت لي الإمكانيات، لأخذته معي إلى فرنسا وتبنّيته، من أجل منحه مساحة أكبر للإبداع.. أنا معجب به كثيرا.. إنه راقص من الطراز العالي، ويلزمه فقط، قليلا من الاعتناء، ليصبح من أحسن الراقصين العصريين. أشير إلى أن مستوى الجزائريين واعد جدا، فقط يلزمهم اهتمام أكثر واحتكاك بالفرق والراقصين العالمين، خاصة أنهم في مقتبل العمر، وهذا هو الوقت المناسب للارتقاء بالمستوى. أتمنى أن تدعمهم الوزارة والمهتمين بهذا المجال، بإرسالهم للتكوين في دول ذات سمعة عالمية في الرقص المعاصر، وكذا المشاركة في المسابقات الدولية، لتمكينهم من الاحتكاك بالمستوى العالمي أكبر فترة ممكنة، وهذا سيسمح لهم أن يصبحوا راقصين عالميين. أرى أنه لديهم كل الإمكانيات الفنية والمورفولوجية لذلك، ولا سبب لأن لا يصلوا إلى المستوى العالمي. هل سبق وأن التقيت مع كوريغرافيين جزائريين؟ نعم.. في أوروبا هناك عدد كبير جدا من الكوريغرافيين الجزائريين ذوي مستوى عالمي، لكن للأسف بقوا هناك، وهذه إشكالية كبيرة بالنسبة للدول العربية والإفريقية. تحاول أوطانهم أن تعطيهم فرصة للتكوين، لكن للأسف يختارون البقاء في الغربة وتطوير إمكانياتهم هناك على العودة إلى أرض الوطن.