هل يمكن أن نحصر مشكلة العرب والمسلمين في قضية القدس وفلسطين فحسب؟ أليست القدس قضية إسلامية ربانية، وهناك قضايا كثيرة كبرى تؤرق المسلمين في عصرنا الحالي تقف وراء عجزهم وذلهم فهم يعانون الفرقة والفقر والضعف العلمي والعملي وهم مضطهدون في كثير من دول العالم لعدم وجود حمية إسلامية تصونهم وتوحدهم، مثل ما يحدث لإخواننا “الروهنغيا” في بلاد المجوس البورمان في ميانمار وكذا طائفة “الإيجور” في إقليم جنكشيانغ الصيني وكذا المسلمين الروس في موسكو أو الشيشان أو الدول الكونفدرالية التابعة لروسيا، وما يحدث في إفريقيا الوسطى، وأنغولا التي هدمت المساجد، بدعوى “العلمانية”، وغيرها في الزمان والمكان كثير، ليس هنا المجال لحصرها. فقضيتنا الكبرى هي توحيد الأمة في بوتقة الأهداف الكبرى وإصلاح منظومة الحكم والتعليم الإسلامي الحق، وتوحيد العالم الإسلامي تحت لواء واحد “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”. أما قضية القدس، فرغم قداسة البقعة والمبدأ فأعتقد أننا حقا، حسب التشخيص الغربي، نركز على المواضيع المادية الشكلية لا على القضايا المعنوية الجوهرية، ولنهب أن القدس حرة فهل حلت بذلك مشاكل العالم الإسلامي والمسلمين من فرقة، جهل واضطهاد وكذا تخلف، وهل نكون حقا حققنا الشهود الحضاري المنظور “وجعلناكم أمة وسطا لتكون شهداء على الناس”، وهذا الشهود المنشود من هذه الأمة من خلال تبليغ رسالة الإسلام الحضارية للإنسانية، والقدس بقيت في أيدينا منذ الفتح الأول أكثر من 12 قرنا فهل حلت مشاكل العالم الإسلامي آنذاك والذي كان بسبب فقدانه للريادة جهله وسباته وصراعات أغرار على سلطان وحكم زائل، وعدم وعي للتحديات المدلهمة التي واجهت الأمة بعد ذاك، وهذا لا يعني إغفال قضية القدس، لأن الأمر صراع أزلي بين أتباع الفكر والدين المحرف المنحرف والدين الحق وليس ممن ينتسبون إليه حاليا الذين يتقاصرون عن تمثيل محاوره الكبرى وقيمه العظمى. إنه أمامنا أن نقيم الشهود الحضاري والحجة الربانية على الإنسانية والغرب خصوصا لأنهم وارثو الديانات السماوية المحرفة، من خلال إقامة مراكز الدعوة في الداخل والخارج ومن خلال التعريف بالإسلام خارجا ونقل الصورة الحقيقية للعامة من الغربيين حول عيسى عليه السلام وأنبياء بني إسرائيل جميعا والحقائق الكونية والطبيعية التي تتناول قضايا الإيمان وتتناسب مع ما يكشفه إعجاز القرآن.. ونقل الإنسانية قاطبة من عللها الفكرية وهذا موجه لمن يبحثون ويستوعبون الحق.. وأما المتعصبون فهم كالخوارج لا يناسبهم إلا السيف حالما أرادوا ذلك، ويكون في الداخل من خلال التفقيه لمقاصد الشريعة وقيمها وأهدافها الصغرى والكبرى ومحاربة الفكر المستعمر والمنحرف الذي كان ناتجا عن الغزو الثقافي الذي امتد في فراغنا لعدم وجود مناعة إيمانية وهذا يمثل النقلة الأهم من ناحية زراعة فكر وعقيدة تتمحور حول الإنجاز الحضاري المنشود من الأمة الذي ينتج من صلب مبادئها وأبعادها القيمية. إنه أمامنا أن نعمل من خلال مختلف الأساليب الممكنة أن نوحد أقطار العالم الإسلامي والأقليات المسلمة في جامعة كبرى ليس بالضرورة كوحدة أو كتلة مادية في حد ذاتها وإنما كروح تحكمها أهداف موحدة من قضايا الأمة.. ونعمل هنا على تنمية القدرة الحضارية في المجالات الإنسانية، العلمية والتكنولوجية وتعظيم القوة العسكرية.. والأهم في كل هذا إنشاء أجيال متعلقة بإسلامها معتزة بدستورها القرآن وفية لتاريخها وأصالتها المجيدة.. رافعة لواء التحدي الأكبر.. واثقة من رسالتها.. شباب يمتاز بالعلم، الوعي والفقه، لا شباب إمعة جاهل. إن الوحدة لابد لها من نهضة، وأن المجد له ضريبة جلة، وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.. لذلك فالبناء الجليل يحتاج إلى قلوب وعقول جليلة فإبداع الصناعة من حذق وحصافة الصانع . أستاذ لغة إنجليزية طالب سنة ثالثة علوم سياسية علاقات دولية