ستعرف الانتخابات المحلية المزمع تنظيمها يوم 23 نوفمبر المقبل، مشاركة قياسية مقارنة بالمواعيد الانتخابية السابقة التي كانت تشهد مقاطعة حزبية بالجملة لأسباب سياسية وأخرى مرتبطة ب"الضمانات" المحيطة بالاقتراع. فهل ستساهم هذه المشاركة العددية للأحزاب في الاقتراع في رفع نسبة المشاركة المتدنية في المواعيد الانتخابية السابقة؟ أم أن تراجع الأحزاب عن سياسة "الكرسي الشاغر" لا تأثير له على الناخبين. باستثناء حزب جيل جديد الذي أعلن صراحة مقاطعة الانتخابات المحلية المقبلة كاستمرار لمقاطعته الانتخابات التشريعية لشهر ماي الماضي، فإن أغلبية الأحزاب التي كانت تعتمد "الكرسي الشاغر" قررت المشاركة في محليات 23 نوفمبر المقبل، بما فيها حزب طلائع الحريات الذي أسسه رئيس الحكومة الأسبق، علي بن فليس، الذي سيكون حاضرا بقوائمه على قلتها، بعدما كان قد قاطع الانتخابات البرلمانية الفارطة. نفس الأمر يخص الأفافاس والأرسيدي المعروفين تاريخيا بإدارة الظهر للمواعيد الانتخابية التي نظمت في السابق لأسباب سياسية وأخرى على علاقة بغياب الضمانات بشأن "شفافية" الاقتراع. وضمن هذا السياق ستكون الأغلبية الساحقة من الأحزاب المتجذرة في السياحة الوطنية حاضرة في موعد نوفمبر المقبل، بحيث تشير أرقام وزارة الداخلية إلى "تنافس" حوالي 50 حزبا سياسيا و4 تحالفات ومجموعات الأحرار، حتى وإن كانت نسبة تغطية مقاعد البلديات والمجالس الولائية بالقوائم "متفاوتة من حزب لآخر ومن ولاية لأخرى"، وهو ما من شأنه أن يحسم نتائج الحزب الفائز عدديا قبل حتى الاقتراع. وبالرغم من إبداء الأحزاب المشاركة في المحليات العديد من "التحفظات" بشأن الظروف المحيطة بالاقتراع وتشكيكها في الضمانات المقدمة وتسجيلها تجاوزات في عمليات إعداد القوائم، وعدم وقوف الإدارة في بعض المناطق على مسافة واحدة مع كل الأحزاب، غير أن "سياسة الكرسي الشاغر" لم تعد خيارا مفضلا لدى الأحزاب، بعدما ظلت تعتمده كوسيلة للضغط على السلطة في السنوات الماضية لكسب تنازلات. لكن مع ذلك تبقى مشاركة الأحزاب وعدم مقاطعتها للاقتراع تنظر إليه كل تشكيلة وفق حساباتها الخاصة، فمنها من يرى أنه نتيجة لتطور الضمانات الانتخابية ومنها من تعتبر أنه تعامل مع أمر واقع أو لضغوط من القاعدة ومنعا لرحلة عبور الصحراء وحصول الحزب على منبر لإيصال أفكاره وبرنامجه.