يعيش إتحاد الكتاب الجزائريين،في السنوات الأخيرة،وضعا مزريا على جميع المقاييس،كما أجمع عدد من الكتاب و المثقفين الذين تواصلنا معاهم،حيث أصبحت طريقة تسيير الإتحاد من طرف رئيسه الحالي يوسف شقرة،تطرح الأسئلة و تثير الغضب،و تدفع بالكتاب لهجرة الإتحاد، في ظل الغياب التام للنشاطات الثقافية مقابل استمرار الإدارة الحالية للإتحاد لمدة عقدين من الزمن، دون تقديم أي شئ للأدب و الثقافة في الجزائر. يمر إتحاد الكتاب الجزائريين،وضعية صعبة جدا، تعتبر الأكثر تعقيدا في تاريخه منذ تأسيسه الفعلي سنة 1972 بمبادرة مجموعة من الكتاب الشباب في ذلك الوقت،منهم أحمد حمدي و جروه علاوه وهبي وعبد العالي رزاقي ويوسف سبتي، و قد مر إتحاد الكتاب بعدة مراحل، و حسب الموقع الرسمي الإلكتروني للإتحاد،فقد تعاقب على رئاسته ثمانية شخصيات، كان أولهم الكاتب الراحل مالك حداد ثم الشاعر بلقاسم خمار،و الدكتور العربي الزبيري، ثم الروائي رشيد بوجدرة و الشيخ بوعمران و الوزير الحالي للثقافة عز الدين ميهوبي ثم الكاتب عبد العزيز غرمول،و أخيرا الشاعر يوسف شقرة،الذي يواجه انتقادات كبيرة و تحديات اكبر في السنوات الأخيرة. فاليوم لم يعد مقر إتحاد الكتاب،قادرا على أن يكون قبلة للأدباء الجزائريين،و قد كانت حجة الرئيس الحالي للإتحاد يوسف شقرة،هو أشغال الترميمات للمقر الكائن بشارع ديدوش مراد بالجزائر العاصمة،و قد مضى عدة أشهر على إعادة فتح أبواب المقر، و لكن حال النشاطات الثقافية،ظل على ما هو عليه،و لم يتم تنظيم لقاءات و لا ندوات و اجتماعات قادرة على جمع المثقفين و إصلاح البيت الثقافي من الداخل،و قد أجمع كل من تحدثنا إليهم من كتاب و روائيين، على أن استمرار نشاط إتحاد الكتاب، بصورته الحالية أصبح "أمرا مستحيلا"،و يحتاج إلى خارطة طريق جديدة. الروائي مرزاق بقطاش: "إتحاد الكتاب تجاوزه الزمن و لا أعرف رئيسه اليوم" أعرب الكاتب مرزاق بقطاش، عن استيائه للوضع الحالي الذي يعيشه إتحاد الكتاب،و قال بقطاش أن إتحاد الكتاب الجزائريين في صورته الحالية"تجاوزه الزمن"،و دعا إلى تحويله إلى جمعية كما أوضح:"فكرة الإتحاد سياسية بالدرجة الأولى و لا تخدم الراهن الأدبي و الثقافي". و يعتقد بقطاش بضرورة إنشاء جمعية تضم شتات الكتاب و الأدباء، حيث تكون الطريق الأسهل لحل المشاكل و الخلافات.و عاد بقطاش للحديث عن كيفية إنشاء الإتحاد الكتاب،مشيرا إلى فكرته الأولى كانت مع الكاتب الراحل مولود معمري في مدينة فاس بالمغرب سنة 1959، حيث التف الكتاب الجزائريون حول فكرة الإتحاد من اجل دعم الثورة،و بعد الاستقلال حاد الإتحاد عن أهدافه و تحول إلى ما يشبه بوق للنظام بعد أن سيطر عليه حزب الأفلام،كما أشار بقطاش:"بسط الأفلان يديه على الإتحاد و استولى على كل شئ ،حتى أصبح ناطق باسم سياسية الحزب الواحد". و أضاف الكاتب الجزائري:" لكن كان أعضاء الإتحاد تابعون للأفلان أكثر من تباعيتهم للأدب و الفكر الجزائري،يخدمون أنفسهم و الأفلان أكثر من خدمة الثقافة".و حسب الكاتب،فإن تأسيس جمعية على غرار ما يحدث في العالم الغربي، بإمكانه إعادة إحياء نشاط الكتاب الجزائريين،و حماته من الحسابات الضيقة،كما خلص بقطاش:"لا اعرف اسم رئيس إتحاد الكتاب اليوم،و لكن هذا الإتحاد لا يقدم شئ اليوم،لا نشاطات و لا اجتماعات و لا طباعة كتب و لا أفكار". الكاتب و المؤرخ العربي الزبيري : "هناك أعضاء في الإتحاد لا علاقة لهم أصلا بعالم الكتاب " دعا الكاتب لعربي الزبيري إلى عقد لقاءات بين المثقفين من أجل وضع حد للصورة التي أصبح عليها إتحاد الكتاب الجزائريين في السنوات الأخيرة،و قال لعربي الزبيري أن الوضع القائم نتيجة لعدم وجود لقاءات و إجتماعات لدراسة الوضع ،و أكد أن هناك غياب لنشاطات الإتحاد،و تسأل "أين هي المهرجانات التي كان ينظمها الإتحاد سابقا"،فقد كان هناك إحدى عشرة مهرجانا ينشط عبر الوطن تحت سقف الإتحاد منها مهرجان الأدب الثوري و القصة و نشاطات هامة كان يقدمها إتحاد الكتاب،و أرجع الكاتب مشكلة الإتحاد إلى مشكلة الجزائر و مؤسسات الدولة بشكل عام.و تحدث لعربي الزبيري عن الآليات التي كان يتم من خلالها قبول عضوية الأشخاص المترشحين للإتحاد،و قال أنه في السابق كان هناك شروط صارمة لقبول العضوية منها ،و لكنها اليوم لم تعد كذلك ،و واضح الكاتب أن أزمة إتحاد الكتاب ترجع أيضا للميزانية و الدعم كما قال:" لا ألوم المسؤوليين اليوم على الإتحاد و لا يمكننا محاسبتهم و لكن أتمنى أن نجد الطريق للخروج بالإتحاد إلى بر الآمان"من أجل أن يكون أداة ثقافية فكرية . وارجع أزمة إتحاد إلى مؤتمر سكيكدة نظم بإيعاز من رئيس الحكومة حينها و واجه رفضا من الأعضاء الذين وقعوا عريضة ضده. الكاتب محمد ساري : "الكاتب الجزائري بحاجة إلى نقابة حقيقة تدافع عنه" قال الكاتب و المترجم محمد ساري أنه :"ينبغي وضع حل مستعجل للوضع الذي يعيشه إتحاد الكتاب الجزائريين"،مشيرا إلى أن هذه الوضعية التي هو عليها منذ حوالي ثلاثون عاما،جعلت من المستحيل الحديث عن إتحاد للكتاب الجزائريين قادرعلى حفظ كرامة الكتاب و المبدعين الجزائريين، ووضعهم في خارطة الكتاب العرب. فبالنسبة للمترجم الدكتور محمد ساري، فقد أصبح من المستحيل أن يضم إتحاد الكتاب اليوم جميع الكتاب الجزائريين،بمختلف أفكارهم و مشاريعهم و أرائهم،كما قال:"لا أتكلم هنا عن الأمزجة و الصراعات الشخصية و لكن أتكلم عن الأفكار"،لهذا يعتقد محمد ساري أنه:"بات من الضروري تحويل إتحاد الكتاب إلى نقابة تدافع عن الكتاب"، كما قال:"يجب أن يكون هناك نقابة للكتاب الجزائريين، تسجل مواقفهم من القضايا و تدافع عن حقوقهم كمثقفين". و عن الوضعية الحالية التي يعيشها إتحاد الكتاب،فقد أوضح ساري أن الصراعات على القيادة يجب أن تخضع في النهاية إلى الانتخابات و التصويت من قبل الأعضاء المنخرطين،كما قال:"الديمقراطية هي من تحدد الرئيس"،و أوضح :"نفضل أن يكون على رأس الإتحاد كاتبا له اسمه و معروف في الساحة الأدبية العربية،ما يعني تسهيل مهمة الكتاب عندما يتكلم باسمهم كاتبا معروف و له باع في الثقافة". و لكنه أشار في المقابل إلى أن هذا الأمر ليس شرطا،و إنما ميزة،و أوضح:"من الممكن لكاتب بسيط أن يسير الإتحاد أحسن من شخصية معروفة"و عاد ساري إلى دفاتر تاريخ الإتحاد ليوضح كيف كان حاله في عهد الكاتب رشيد بوجدرة :"لم يكن بوجدرة من يسير كل الأمور و لكن حضوره كإسم له كان له وزن كبير وإضافة هامة للإتحاد"و قال:"أتذكر أننا حينا أردنا لقاء الوزير يوما ما،و عندما سمع الوزير أن رشيد معنا،خرج لينتظرنا أمام الباب،لقد خرج الوزير حينها لانتظار رشيد و ليس إتحاد الكتاب". و حسب ساري فإن هناك عشرات الجهود للكتاب الجزائريين الذين يعملون بشكل مستقل بعيدا عن إتحاد الكتاب،و يحققون إنجازات، و لكن من حق كل هؤلاء أن يكون هناك لهم تنظيم للمثقفين ينظم و يحمي حقوقهم داخل الجزائر. و أكد محمد ساري أن المشكلة اليوم في اختيار الأسماء،تكمن في أن عدد كبير من الكتاب و الروائيين الجزائريين، يرفضون المناصب،على عكس حاله بعد أحداث أكتوبر 88،حيث التف كل الكتاب حول الإتحاد و رفضوا أن يكون بوقا للافلان حينها. الروائي رشيد بوجدرة : "أنا مستاء جدا و منزعج لوضع إتحاد الكتاب" عبر الروائي رشيد بوجدرة عن استياءه للوضع الذي يعيشه إتحاد الكتاب اليوم و قال بوجدرة الذي تولى منصب الأمين العام للإتحاد سابقا:"أنا جد مستاء و حزن لما يحدث لإتحاد الكتاب الجزائريين"و أضاف:"صراحة لم يعد يوجد إتحاد للكتاب الجزائريين اليوم،هناك هيكل إداري فقط،لا نشاطات و لا ندوات و لا أفكار يحملها إتحاد الكتاب و لا مواقف". و أضاف:"مسألة التسيير كانت مطروحة دائما، و لكن مسألة النشاطات لم تكن يوما بهذا السوء الذي يعرفه إتحاد الكتاب"،حيث تولى بوجدرة منصب الأمين العام لإتحاد الكتاب في وقت كان فيه الإتحاد يعرف التفافا كبيرا من طرف الأدباء و الروائيين على رأسهم بن هدوقة ،و تسأل بوجدرة عن طريق تسير إتحاد الكتاب اليوم:"كيف يقوم رئيس إتحاد الكتاب و فريقه الإداري اليوم بتسيير الإتحاد منذ عشرون سنة دون تجديد للأعضاء". و أعتبر بوجدرة أن الإتحاد بحاجة ملحة اليوم، لعقد مؤتمر عام من اجل تحديد الأشخاص الذين يسيرون الإتحاد بشكل ديمقراطي،مشيرا إلى أن الوضعية الحالية لم تعد تطاق، في ظل الغياب التام للنشاطات الثقافية،في مقابل ذلك :"يستغل المشرفون على الإتحاد تلك السلطة لأغراض السياحة الخاصة بين البلدان العربية بطريقة مبالغ فيها"،على حد قول بوجدرة. حيث يفترض أن يكون هو الهيئة التي تضم كل الكتاب الجزائريين، والتي تمثلهم داخليا و خارجيا"،حيث يفترض أن يكون الجهة المقابلة لوزارة الثقافة،من خلال تقديم الاقتراحات و تقييم الواقع الثقافي،حيث يساهم إتحاد الكتاب في بناء سياسية ثقافية واضحة المعالم،للأسف منذ سنوات لا يزال إتحاد الكتاب يعيش نفس المشاكل التي تعيشها الساحة الثقافة،من فرقة و ابتعاد حقيقي عن الواقع الثقافي، الكاتب و الناقد إبراهيم صحراوي: "الإتحاد لا حدث اليوم " يؤكد عضو الإتحاد الكتاب السابق، أن الأزمة بدأت أواخر 2005، حيث طفت صراعات بين جناحين على رئاسة الإتحاد،أفاضت الكأس و قال صحراوي أنه قرر الابتعاد عن الإتحاد منذ ذلك الوقت، مشيرا إلى أنه لم يعد يكترث للإتحاد منذ إحدى عشرة سنة،بعد أن حاد الإتحاد عن الطريق و أصبح، واصفا إياه :"بالا حدث". و قال إبراهيم صحراوي أن :"وجد الإتحاد اليوم مثل عدمه" فالبنسبة له :"لم يعد يقدم شأ للثقافة و الكتاب الجزائريين"،حيث تقوم :"الإدارة الحالية بالحديث بإسم الكتاب الجزائريين رغم أنها لا تحظى بشرعية المثقفين". و أشار صحراوي إلى أن:"إتحاد الكتاب لا يصنع أدبا و لا كاتبا و العضوية في إتحاد الكتاب لا تضيف للكتاب شئ "،و قال أن القائمين على إتحاد الكتاب اليوم "قضوا على الإتحاد و صورته و مصداقيته"،حيث تعقد المؤتمرات بطريقة شكلية لضمان استمرار الوضع على ما هو عليه. و قال صحراوي الذي اشتغل لفترتين من 1998 إلى 2005 رفقة الأمين العام السابق للإتحاد الوزير الحالي عز الدين ميهوبي، أن انحراف دور الإتحاد عن مساره جاء من أجل إخماد صوت المثقف الجزائري، كما أوضح إبراهيم صحراوي:"الهدف اليوم أن لا يقدم المثقف الجزائري صوته و أن لا يكون له موقف موحد". كما أوضح صحراوي:"من المهم أن يكون للمثقف صوتا موحد في القضايا الحساسة، و أن يصدر بيانا موحدا، و ليس مواقف فردية" وهذا الأمر :"لم يعد إتحاد الكتاب قادرا على تحقيقه بعد أن أصبح فاقد للمصداقية". الكاتب و المترجم سعيد بوطاجين : "من المهم إشراك المثقفين في نقاش عام " ظلت العلاقة بين إتحاد الكتاب و عدد كبير من الروائيين و المثقفين الجزائريين، علاقة مشوهة منذ تأسيسه،بل أكثر من ذلك، كما يقول الكاتب الدكتور سعيد بوطاجين:"صراحة لا علاقة لي بإتحاد الكتاب،و إطلاقا لم يحدث منذ تأسيسه أن وجه لي دعوة لتقديم ما يجب تقديمه". و أضاف بوطاجين:"لا تعنيني التشكيلة الموجودة حاليا،لست مؤهل لانتقاد ما يحدث حاليا لبعد المسافة "،و لكنه أشار في المقابل إلى أنه يأمل في أن يكون في الجزائر إتحاد تمثيلي مشكل من طاقات جزائرية مكرسة عربيا و محليا و دوليا،له القدرة على تمثيل الجزائرعلى أوسع نطاق. و أضاف الكاتب :"بعيدا عن الصدمات الحالية و ما يقال في الكواليس من تعليقات و انتقادات، أتصور أنه من المهم إشراك مختلف المثقفين في نقاش عام حول الوضع الحالي من أجل تقديم صورة أفضل للكتاب الجزائريين".و قال أن هناك محاولة و إن كانت متواضعة لإحياء إتحاد الكتاب مؤخرا،مشيرا إلى يجب أن يكون هناك إلتفاف حقيقي حول هيئة جامعة تتمتع بالثقة،فما يحدث اليوم هو حال معظم الجمعيات الناشطة في الجزائر التي تعكس الواقع الثقافي الهش،على الكتاب الجزائريين البحث عن أرضية توافقية تسمح لهم بالمبادرة .